الحلول الاستباقية حلول ذكية تكمن قوتها في كونها تكافح السلبيات قبل بروزها. فما بالنا لو تركت لتتراكم وتتقاطع مع الظواهر السلبية لإذكائها، وبسبب الفقر والبطالة وتحت هذه اللافتة يحدث الكثير عنف وتفكك أسري.. جرائم إلخ.. لذلك يعد كل تشجيع لمثل هذه الأنظمة من أسباب تفشي الظواهر السلبية. هذا لا يمنع أن أسلوب إقرار وطرح ساند تسبب في محاربته على كل ما يحمله من جدوى وأهمية.
وذلك نتيجة عدم إيجاد مصدر تمويل آخر لنظام ساند يعفي المواطن من المشاركة الإلزامية.. وتجاهل رأي المستهدف الأول من الاقتطاع الإلزامي من الراتب (وهو المواطن الذي سيقتطع من راتبه)..أو اعتماد الاقتطاع مع ضمان إعادة ما سيتم اقتطاعه أو نسبة منه مستقبلا تشعر المشارك في دعم هذا النظام أنه اقتطاع مجد، يخرج من رصيد المواطن ليعود إليه ولو بشروط وضوابط. وعندما يحتاج إلى المبلغ المقتطع يجده بما يؤكد له أن اختياره المساهمة في ساند خيار حكيم وله عوائد مستقبلية مشجعة!
إن تصريح المتحدث الرسمي لمؤسسة التأمينات الاجتماعية عبدالله العبدالجبار بكون (دراسة ساند خمسة أعوام ومروره بقنوات تشريعية ونظامية، ورفعه للمقام السامي من المؤسسة ومناقشته في مجلس الشورى وهيئة الخبراء وصدور مرسوم باعتماده، وسبقه استطلاع مرئيات عدد من أصحاب العمل والمشتركين، ووضع مشروع لائحة النظام على بوابة معاً وأخذ الملاحظات التي وردت عليه).. أقول لم يكبح إعلان جميع ما ورد من خطوات الشعور العام لدى الناس بأن تقديس نظام ساند وعدم إعادة النظر فيه ناتج عن مروره بالقنوات التشريعية المذكورة، ورغم الاحتجاج الاجتماعي الواضح يتم المضي في التطبيق مما أدى إلى تفاقم حالة الاستياء منه.
الخطوات التشريعية لا تلغي أننا مجتمع مرن، دولة وقيادة رشيدة، مصلحة المواطن لديها فوق اعتبارات البيروقراطية. الأزمة تكمن في تقديس بعض القيادات التنفيذية وتطبيقها هذا النظام رغم الاعتراض وكونه يقتطع من المواطن بدون رضاه وموافقته، وأنه لا يسترجع ولا حتى نسبة منه ولو في حالات تخضع لاحتياج وأوضاع قاهرة معينة.. وهو تزمت قاد الناس إلى الاحتشاد ضده وصناعة كراهيته وسادت حالة تشكيك في القليل من التطمينات باحتمالية إعادة النظر في مسألة رد المبالغ المقتطعة.
أليس من الرشد وبعد هذا الاستقصاء الاجتماعي عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، اعتبار رد الفعل جزءا أصيلا من استطلاع الرأي الذي قصرت التأمينات ووزارة العمل في تقديمه للناس قبل الإقرار.. مفارقة أن ما لم يحدث من حصاد رأي الناس قبله حدث بعده.. أين المرونة والاحتواء والأخذ برأي الناس، ليس لنفي صفة الجباية عن المؤسسة فقط، بل لرفض تقديس نظام تكافلي قابل لإعادة النظر فيه.. للحديث بقية.