يبدو لنا جميعا أن وفاة الممثل الأميركي الشهير روبن ويليامز منتحرا - بحسب التقارير- كانت الحدث الأبرز عالميا الأسبوع الماضي، إذا ما استبعدنا الملفات السياسية من قوائم البروز، وبعد أن تهكم من كل شيء، راح يسخر من الدنيا، وركلها خلفه، وهرب من الباب الخلفي للفرح، بعد أن قال يوما: واجبنا تحسين الحياة، ليس فقط تأخير الموت.
هذا الحدث، عاد بي لفكرة مقال قد أجلته لظروف مختلفة، منها أنه لم تكن هناك مناسبة جادة لطرقه، حيث تتمثل الفكرة في الحديث عن سياحة الانتحار، ويبدو غريبا هذا المصطلح نوعا ما، ومستفزا بعض الشيء، ولكنها موجودة هذه السياحة.. حيث تأتي بحسب تصنيفات بعض الباحثين على نوعين رئيسيين: الأول يتمثل في سفر الناس لدول أخرى، بعيدا عن موطنها، لـ(تمارس) الانتحار، وغالبا ما يكون بالقرب من معلم مشهور. والثاني يقوم على فرضية السفر لدول وأماكن تتسامح قوانينها مع فكرة الانتحار كـسويسرا وهولندا وبلجيكا.
ما لا يعلمه الكثيرون، أو يعتقدونه يحدث بمحض الصدفة، وبحسب هذه السياحة، هو أن العديد من الراغبين في مغادرة الحياة يختارون أماكن الخلاص بعناية، والتي تتمحور غالبا بالقرب من المعالم الشهيرة، للفت انتباه الكثير من الناس، وليحظى الأمر بأكبر تغطية من قبل وسائل الإعلام المختلفة.. ومن أشهر هذه المعالم جسر البوابة الذهبية في سان فرانسيسكو الذي شهد قرابة 2000 عملية انتحار، وكذلك الحي القديم بـمنهاتن، بالإضافة لـكمبوديا التي كانت أحد أهم وجهات الموت، وليس غريبا أن ينشر أحد المواقع الإلكترونية: ستموت على كل حال، فلماذا لا يكون في كمبوديا؟.
حقيقة.. الحديث عن هذا النوع من السياحة لا يبدو مغريا للإسهاب أكثر، ولكن أسأل دوما: ما الذي يدفعنا للموت طالما بإمكاننا أن نصنع حياة جديدة مختلفة، كما نحب ونهوى، ونشكلها بحسب رغباتنا واحتياجاتنا.. ولنتذكر دائما أنه لا يوجد وقت متأخر للتغيير! والسلام.