جامعة الأميرة نورة لا تمنح المعلمة الأجنبية إقامة نظامية، وكما تقول المعلمات يتم الكذب عليهن وإيهامهن من قبل الشركة المتعاقدة أن الإقامة ستصدر قريبا، وبعد أشهر يتم إبلاغهن بقرب مغادرتهن
جامعة الأميرة نورة تعد أنموذجا مشرقا لمدينة جامعية تم تشييدها على أحدث المواصفات العالمية كصرح علمي مميز. تدير تلك المنشأة العملاقة، الدكتورة هدى العميل، التي يعرف عنها الحرص على أن تقدم الجامعة لطالباتها أفضل وأحدث طرق التدريس والمناهج. زرت الجامعة عدة مرات لأسباب مختلفة، وحضرت في قاعاتها بعض الندوات، كنت دوما أخرج بانطباع أن الجامعة ستكون معقلا من معاقل التنوير المجتمعي، وذات دور فاعل في تشكيل ذهنية الفتاة السعودية؛ وذلك لكل ما ذكر سابقا ولعلمي أن معالي الدكتورة هدى حريصة على سمعة الجامعة في الأوساط الأكاديمية المحلية والعالمية. أحببت في هذا المقال لفت نظرها إلى ما رأيته بعيني وسمعته بأذني من بعض عضوات هيئة التدريس في السنة التحضيرية مما لا يقبله منصف. أتحدث عن المعلمات الأجنبيات، خاصة من أميركا وغرب أوروبا، ممن تستغلهن شركات التوظيف المتعاقدة مع الجامعة لتزويدها بتلك المعلمات. قابلت عددا من المعلمات، إحداهن من الولايات المتحدة الأميركية، واثنتان من زميلاتها بريطانيتان في إحدى مناسبات الحي الدبلوماسي العام الماضي. دار الحديث بيننا عن أمور كثيرة، تتعلق بالتعليم العالي في السعودية، وعقلية الطالبة السعودية، والمشاكل التي تواجهها تلك المعلمات. المعلمات الثلاث تحدثن عن تجارب سيئة وتقريبا متشابهة؛ من عمليات نصب وتحايل مورست عليهن من قبل تلك الشركة، التي تتعاقد مع الجامعة لتوفير مدرسات لغة إنجليزية للسنة الأولى التحضيرية. الاتفاق كان معهن على سنة دراسية كاملة بفصلين دراسيين، ثم فوجئت المعلمة بعد مضي شهرين أو ثلاثة، أن العقد تم تخفيضه إلى خمسة أشهر أو ستة، وأنه سيكون عليها المغادرة بعد ذلك. تلك أولى المصائب كما تقول ربيكا المعلمة الأميركية التي ظهرت معي في لقاء على القناة السعودية الثانية للحديث حول حدث ثقافي. ليس هذا كل شيء، بل أحيانا تنقطع الخدمات الأساسية بالأشهر عن مقر سكن المعلمات الثلاث ـ كمباوند ـ ولا مجيب ولا أحد يهتم. الأميركية تحدثت كثيرا مع مسؤولي الصيانة، ولجأت إلى الشركة التي استقدمتها، ومع ذلك ظل الجميع دون مياه عدة أشهر، ولك أن تتخيل معاناة من تعيش على جلب المياه يوميا. هناك أمر آخر، وهو أن الجامعة لا تمنح المعلمة إقامة نظامية، وهذا من أبسط حقوقها، وكما تقول المعلمات يتم الكذب عليهن وإيهامهن من قبل الشركة المتعاقدة أن الإقامة ستصدر قريبا، وبعد أشهر يتم إبلاغهن بقرب مغادرتهن، وهذا آخر ما تتمناه المعلمة أو تتوقعه. حين سألتها لماذا لا تقومين وزميلاتك بشكوى إلى مديرة الجامعة فقالت: إن الشركة تحذرهن من ذلك وتهددهن أحيانا بإنهاء العقد والتسفير لو أبدت امتعاضا أو شكوى لإدارة الجامعة!. تحدثت المعلمات عن الكثير والكثير من المآسي، مما لم أتصور أن تحدث، ولم أتخيل أن تلك الشركات المتعاقدة مع جامعة مثل جامعة الأميرة نورة تمارس الابتزاز والكذب والخداع على هؤلاء المعلمات. حين تمرض تلك المعلمة لا تجد غطاء صحيا، وتدفع الكثير، وهذا غبن آخر، وكان الوعد والاتفاق أن هناك تأمينا طبيا! قبل أشهر التقيت معلمة أخرى بالصدفة أيضا بريطانية، كانت هي الأخرى ضحية لنفس المواقف التي مرت بها زميلاتها الأخريات معلمات السنة التحضيرية في جامعة نورة. كانت تتحدث بحرقة، وتؤيد كلامها زميلتها الجنوب أفريقية التي تعمل مدرسة بنفس الجامعة ونفس التخصص، وهو تدريس اللغة الإنجليزية للمستجدات في السنة التحضيرية. قالت إنهم أبلغوها أن تستعد لنهاية العقد بعد شهرين، كيف وهي لم تكمل ثلاثة أشهر؟! رفعت رأسها إلي دامعة العينين وهي تتمتم: لم أتوقع أن يحدث هذا في بلدك؟ كنت أعتقد أن جامعة نورة ستمنحني الإقامة بعد شهرين كالمتفق، وها هم يخبرونني أن أستعد بعد أشهر للمغادرة! صاحبة المعالي، أثق أنك لا تقلين عنا غيرة على وطنك، وأن ما يحدث من تجاوزات من تلك الشركات تجاه تلكم المعلمات، وهضم الكثير من حقوقهن لا يرضيك. من أجل الوطن، أيتها المعلمة الفاضلة والإدارية الناجحة تابعي هذا الملف. فقد تواترت أخباره وقصصه، وقد وقفت على كثير منها.