الشاعر يقول: اللي وطا الجمرة ومن حرها صاح.. يضحك عليه اللي بظل وبرادي!
لا يمكن أن تشعر بمعاناة الناس طالما أنك تعيش بمعزل عنهم. إن كنت تريد أن تشعر وتحس بهم فيجب أن تعايشهم، وتعيش معهم تفاصيل حياتهم اليومية.
اقترب من الناس، واجلس مجالسهم واستراحاتهم، واستمع إليهم، ستجد نفسك جزءا منهم. تماما كعلاقة الغصن بالشجرة.
منذ سنوات ـ وهذا مثال عابر ـ كنا متفقين أن مطارات بلادنا الكبرى لن تتطور، ولن يتبدل حالها طالما لم تغلق المكاتب التنفيذية. بضعة مرات دخلت مطاراتنا من هذه المكاتب. أنت في بيئة مختلفة ـ أو قل: في مطار آخر! ـ كيف يمكن لك في هذه الحال أن تشعر بالناس والطوابير والزحام والصراخ والحقائب المتكدسة أمام الكونترات هناك!.
الذي أود قوله اليوم إن الخدمة لن تتطور طالما الشخص المعني بها لا يسلك مسالك الناس ويمشي دروبهم. الناس يفرحون حينما يشاهدون مسؤولا يعيش ذات التفاصيل التي يعيشونها حتى وإن كانت من باب التمثيل!.
خذ من الأمثلة بالكيلو لو أردت. لا يمكن ـ مطلقا ـ أن تنتهي معاناة الناس في طوارئ المستشفى العسكري ومستشفى قوى الأمن ومستشفيات وزارة الصحة، طالما أن مسؤوليها تفتح لهم العيادات الخاصة والأجنحة التنفيذية!.
لا يمكن لأزمة المواطن والمعقب والمقيم أن تنتهي مع مكاتب العمل طالما أن مسؤولي وزارة العمل لم يمسكوا السرا يوما واحدا مع الناس!.
لا يمكن أن تنتهي معاناة الناس من رداءة الطرق وضعف الخدمات الصحية وتأخر المواعيد وعدم توافر أسرة للمرضى ومقاعد للمسافرين وأراض وبيوت وغيرها، طالما أن المسؤولين عنها لا يقفون في ذات الطوابير التي يقف فيها الناس!.
كنت أود القول إن معاناتنا مع الطرق لن تنتهي طالما أن وزير النقل لا يسافر بالسيارة، وأن أزمة السكن لن تنفرج طالما أن وزير الإسكان لا يسكن في بيت إيجار.
لكن حسيت إني راح أصير وسيع وجه!