كثيراً ما يوصف الخطاب الثقافي بالاحتيال على المرأة من أجل الحصول على فرصة الوصول إليها، بالشكل الذي يجعلها عرضة للإيذاء، برغم حدوث الكثير من القصص التي وقعت فيها النساء ضحايا للتحرش والانتهاك تحت غطاء الضوابط الشرعية المقننة محليا، وهذه المنطقة يسهل التغاضي عما يحدث فيها من أجل تكريس التبعية لمن يتولى الرقابة على سلوكها، ومن ثم الشيخ المنقذ لها في حال وقعت ضحية للابتزاز في حين لا يوجد لديها البديل، كأسلوب يعزز الدور الذي يقدمه وحصر السبل في الحاجة لطلب المساعدة منه، وفي بعض الحالات - وأقول بعض - نكتشف أن حاميها حراميها.
الخطأ الذي نأخذ الحيطة خوفا من حدوثه قد يبدأ من الرجل نفسه الذي تنعكس مكانته الاجتماعية انطلاقا من طريقة طرحه لأفكاره، وبغض النظر عن نوعها فقد تكون على النقيضين، ولكن كلا منها يحمل قيمته ويجد ما يلاقيه من القبول حتى ولو كان بلا مبادئ أو أخلاق، لكن هذا التوجس والارتياب لدى الطرفين هو إحدى السمات التي خلفتها لنا ثقافة الانغلاق.
يتجاوز الفهم لصيغة التعامل العفوي إلى التفسير الخاطئ، لأن وقوف الرجل والمرأة أحياناً على مستوى عقلاني واحد لا يفصل بين معيارين أخلاقيين، مما يخلق ضبابية ذهنية بين الطرفين، سواء في التعامل أو تقويم السلوكيات، وأعني أن هناك تفسيرات خاطئة محسوبة بثقافة الواقع، ولكنها بافتراض المثقف الواعي صائبة، وهي تماماً الحيرة بين من يبقى يحمل في ذهنيته ثقافة الواقع التي نشأ عليها، وبين من يتجرد منها، ولا نغفل الأثر السيكولوجي الناتج عن نقص المعرفة بالجنس الآخر، وهي نتيجة لمشوار العزل الطويل، وهنا تلتبس المفاهيم، إذا تكونت غالبية التجارب من معرفة مجتزأة أو منقوصة، وهذه نتيجة طبيعية في مجتمعاتنا.
الإنسان بطبيعته يمر بمراحل انتقالية من الرقي والنمو الإنساني، ويتأثر بالمتغيرات والتطورات التي تمر به، وفي محيطه عقلياً واجتماعياً وتفاعلياً، وبصفة النمو عملية مستمرة وشاملة ومتصلة فالناس يتبعون نمطاً متشابهاً في السلوك، لكن العلاقات الإيجابية لها دور فاعل في الارتقاء الاجتماعي، لذلك سنجد الشخص الإيجابي يتغير ويسهم أيضا في التغيير.