في السعودية بدأ مسرح الطفل بالمسرح المدرسي في أوائل الستينات. وقد كانت تمسرح المناهج الدراسية بما يساعد الطلاب على الفهم. كما أن مدارس البنات كانت تقيم عروضا مسرحية في حفلات مجالس الأمهات

إن مسرح الطفل في الوطن العربي يشكل لغزا محيرا وذلك لسبقه للمسرح بشكل عام ولانحصاره في شكل مهرجانات ومناسبات. ولقد سبقت مصر الوطن العربي في مسرح الطفل لإدراك أهميته. فالرائد الكبير زكي طليمات أنشأ الفرقة القومية 1935 ولحرصه على إعداد وتكوين جمهور لهذه الفرقة تقدم عام 1937 إلى وزارة المعارف العمومية لإنشاء إدارة المسرح المدرسي للمدارس الثانوية، وكان التبرير الذي قدمه على الموافقة: إن إنشاء مثل هذا المسرح من شأنه تعليم الأبناء فن الإلقاء وامتلاك ناصية الكلام وبث روح القومية وتذوق محاسن اللغة العربية والقرآن الكريم فضلا عن إنضاج الشخصية واكتساب عادات اجتماعية بناءة مثل العمل الجماعي والتعاون والطاعة وعلاج بعض الأمراض النفسية مثل الخجل والانطواء وشغل الفراغ واكتساب المواهب، ثم أعلن ميلاد المسرح الحقيقي لمسرح الطفل على مسرح سيد درويش بالإسكندرية في 26 / 7 / 1964. وكان مكونا من ثلاثة برامج وهي: مغامرات سائح، وقمة النصر، وكفاح وانتصار، ثم انتقل العمل إلى القاهرة لمدة ثلاثة مواسم حتى توقف بسبب خلاف بين قادته، ثم جاءت النكسة كعامل على اختفائها حتى ظهر مرة ثانية في الثقافة الجماهيرية، وعلى مسرح معهد الموسيقى العربية في شارع رمسيس بالقاهرة وكون الراحل حسين فياض المخرج والممثل مع مجموعة من محبي مسرح الطفل فرقة لمسرح الأطفال وقدمت أول عروضها وكانت مسرحية الحذاء الأحمر للكاتب هانز كوستيان أندرسون، وترجمها للعربية كاتب الأطفال الشهير عبد التواب يوسف ولحن موسيقاها المرحوم حسن أبو زيد واشترك فيها من الكبار فيكتوريا حبيقة ومن الأطفال بوسي وكان اسمها صافيناز الجندي وأحمد يحيي المخرج الآن، وغنى فيها الطفل هاني شاكر ومن بين راقصات الأطفال عزة كمال.
ثم قدمت الفرقة مسرحية استعراضية عن الوحدة العربية وغنى فيها هاني شاكر طفلا آنذاك، ومن الفنانين الذين أخرجوا لمسرح الطفل أحمد فؤاد عبدالله وصفاء عبق وإنعام الجريتلي ومن الكتاب عبد التواب يوسف حيث قدم لأول مرة مسرحية مصرية عم فانوس، وصفوت الأمير وسمير عبد الباقي وفرح مكسيم وعبد السلام أبو العلا والسيد حافظ. ثم انتشرت المسارح بواسطة المخرجين المصريين والكتاب المصريين في الوطن العربي.
وقد سبق تقديم إرهاصة إذاعية على يد محمد محمود شعبان في برنامجه الإذاعي بابا شارو، وقدم للأطفال الكثير من التمثيليات الإذاعية قريبة الأثر بالجرس المسرحي ومنها: كنج كونج وعيد ميلاد أبو الفصاد، ومثل فيها فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي، وأمال فهمي والطفلة صفاء أبو السعود وغيرهم من الأطفال، ثم كون مسرح التلفزيون مجموعة من الفرق الصغيرة، ثم نشأت بمختلف محافظات الجمهورية فرق أولها فرقة: مسرح أطفال الشرقية، على مسرح إستاد الزقازيق الرياضي وكوَّنها آنذاك شاب يبلغ من العمر 18 سنة ويدعى صفوت الأمين، قدم مسرحية الشاطر حسن ثم كون في القاهرة مسرحا يدعى مسرح أطفال القاهرة حيث قدم عروضه في دار الأدباء ومسرح ثقافة الطفل ثم قدم مسرحية جسر السلام ثم تكون مسرح الحديقة للأطفال لتقدم العروض في الحدائق بالأقنعة المختلفة، ثم تكون مسرح المائة كرسي في المركز الثقافي التشيكي بشارع 26 يوليو وقدمت فيه مسرحيتان هما: أميرة البطولة، وأولاد القمر، ثم تكونت فرقة مسرح للأطفال بمسرح العرائس بالقاهرة وقدمت مسرحية: شقاوة كوكو، بطولة عزة كمال وممدوح عبد العليم، وتأليف دكتور مرسي سعد الدين، وألحان بليغ حمدي، ثم قدمت مسرحية الأمير الطائر بطولة نور الشريف واستخدم فيها لأول مرة تكنيك المسرح الأسود واستخدام الألترا فايلوت. ثم تكونت فرقة لمسرح الأطفال قدمت بمركز ثقافة الطفل مسرحية: سندريلا بطولة فاروق الفيشاوي وسمية الألفي، ثم مسرحية: رحلة عبر الزمن على المسرح نفسه، من تأليف وإخراج صفوت الأمين وكان أبطالها: آثار الحكيم، وأحمد زكي، ومحسن محيي الدين، ونسرين وإبراهيم نصر، تحت رعاية يوسف السباعي، وسعد الدين وهبة، وقدم المركز مسرحيات متعددة باللغة العربية واللهجة العامية، ثم انتشرت بجميع المحافظات فرق الأطفال التي تقدم المسرحيات الدينية والاستعراضية.. الخ.
وفي دول الخليج العربي، انتشر المسرح عبر القنوات التلفزيونية؛ ففي السعودية بدأ مسرح الطفل عبر المسرح المدرسي في أوائل الستينات. وقد كانت تمسرح المناهج الدراسية بما يساعد الطلاب على الفهم وعلى التمسك بالعادات والتقاليد. كما أن مدارس البنات كانت تعمل على إقامة عروض مسرحية في المدارس وتعرض في حفلات مجالس الأمهات وكان الجمهور هم الكبار والطلاب أيضا، وقد كنت أنا أشارك في هذا المسرح في السبعينات كممثلة.
وانتشر مسرح الأطفال في بداية الثمانينات، ونهاية السبعينات ولكنه كان يفتقر إلى التخصص. في الغرب تم تجاوز هذه المرحلة، بتخصيص المسارح مصنفة حسب أعمارهم وخبراتهم التراكمية، فهذه مسرحية لطفل الثالثة حتى السادسة والأخرى لطفل السابعة وحتى العاشرة، وحتى نصل في العالم العربي لهذا التخصص تظل إشكالية معلقة في أعناق كتاب المسرح الذين تصدوا للقيام بهذا الدور الهام.
وقد واجهت هذا الدور كاتبة الأطفال القطرية وداد الكوادري بجرأة، فكتبت العديد من المسرحيات وكان أولها مسرحية: سعدان في غابة الأحزان، وتدور أحداثها حول فتاة صغيرة تختطف من بيتها ثم تتضارب ردود الفعل من الآخرين حول عملية الاختطاف هذه.
ويتخذ الحوار منحى يقترب من الغموض عندما تحاول الكاتبة إسقاط حادث الاختطاف ووجوب استعادة الحق على القضية الفلسطينية ووجوب رد الاعتبار برفض الاغتصاب بشكل إيجابي وعملي.
وتقول الكاتبة: أشفق على الأطفال الذين شاهدوا مسرحيتي الأولى. فلم يكن يجب علي أن أعاملهم بهذه القسوة، وبعدها بدأ مسرح الطفل في الخليج العربي ينحو نحو الوعي والفهم لقضية مسرح الطفل. أفبعد هذا العطاء وهذه المعاناة لا يتقدم مسرح الطفل من أجل التربية في ضوء ما نراه من وهن في القيام عليه؟!