وفي اللحظات التي تسبق إعلان العيد، تدهمك مئات الرسائل المهنئة به، ومئات الرسائل التي تحذر من التهنئة به قبل صلاة العيد! أما أنت فستفضل مسابقة اللحظة، وشراء آخر حاجياتك التي لن تنتهي منها قبل طلوع الفجر الصادق!.
على التلفاز يتم اختيار المذيع الأكثر اكفهرارا لقراءة بيان العيد، يقرؤه بالطريقة ذاتها التي يقرأ بها أخبار انتقل إلى رحمة الله تعالى، تمنيت من ذلك المذيع الذي لم نر أسنانه الأمامية على الإطلاق، أن يفرج عنها عند قراءته لإعلان العيد فقط، ثم إن له كامل الحرية في أن يحبسها بعد ذلك حتى موعد العيد المقبل.
ثم ماذا؟ لا جديد، ستلتهب الحبال الصوتية للأخ محمد عبده وهو يردد أغنيته الشهيرة ومن العااااايدين ومن الفااااايزين، إن شاء الله حتى نهاية ساعات البث!.
في تلك الأثناء، فإن أحد أبناء الجيران الذي يحتاج إلى إعادة تأهيل على مستوى الأخلاق، سيختار نافذة غرفة نومي هدفا مباشرا لصواريخه النارية التي نادرا ما تخطئ الهدف!.
بالمناسبة، ذلك الطفل يفهم جيدا ما يغيظني، فبغض النظر عن كمية الكولا التي يسقيها كبوت سيارتي كل يوم، وبغض النظر عن عدد مصابيح الشارع التي احتفل بإنهاء خدماتها للأبد، إلا أنه لا يجد وقتا للغناء بصوته الأجش إلا في ذلك الوقت الذي يحاول فيه الفقير إلى ربه، كاتب هذه السطور الاستمتاع بقيلولته!
وبالمناسبة أيضا، فإن والده كان قد قضى الأيام الثلاثة الأولى للعيد السابق مرافقا لولده الآخر الذي أصيب في وجهه بقذيفة طراطيعية من نيران صديقة!.
ثم ماذا؟ سأتحول إلى ساعي بريد، أطارد رسائل المعايدة الواردة، ثم أقضي باقي يومي لرد الدين الإلكتروني برسائل تهنئة صادرة، ثم أنام بضمير شخص مرتاح أدى جميع واجباته تجاه من حوله، حتى إن كانت تلك الرسائل صادرها وواردها تحمل قدرا من الحميمية، بقدر ما يحمله ابن الجيران سالف الذكر لي!.
ثم ماذا؟
يتكرر السيناريو السابق في الأيام الثلاثة التالية، مع كمية لا بأس بها من من العايدين وأختها من الفايزين وكل عام وأنت بخير، تسمعها وأنت تتذكر المذيع المكفهر في عالي هذا المقال. قبل أن أنسى: كل عام وأنتم بخير دون اكفهرار.