مع الدعاء بأن ينصر الله غزة وأهل غزة ويهلك الباغين المعتدين، فلم نر جديدا في الأمر، إسرائيل تعتدي وتستبيح، ونحن فقط نتوسل وندعو، هذا حالنا من المحيط إلى الخليج، ما باليد حيلة، فإن تجاوزنا الدعاء فحدنا الشجب والاستنكار، لكن أن نكون في الجبهة لردع المعتدي ففي ذلك ليس قولان فقط، بل أقوال وأقوال.
لا نملك القدرة على ردع المعتدي، لذا لا سبيل إلا وسيلة العجائز باتخاذ مكان قصي لترديد عبارات الرجاء والتمني والويل والثبور، هذا ما نستطيعه ونقدر عليه، فلم يبق لنا إلا لسان وشفتان، بعد أن عدمنا الماديات التي تعيننا على مواجهة العدو، ندعو عليه ونحن نستزيد من المسلسلات الرمضانية بعد أن أشبعنا كأس العالم حماسا ودعاء.
الأكيد أننا لن نكذب على أنفسنا تجاه عدو يملك الإمكانات والتقنية، التي ليس لدينا منها إلا الصوت الناتج عنها!، أيضا ليس لدينا حتى القدرة على التهديد الجارح القاصم، لأننا عرفنا ذلك وشبعنا منه من أيام جمال عبدالناصر الذي أراد أن يرمي إسرائيل بالبحر، فمسحت جيشه وأصابته بالسكر والضغط، وحتى زمن القذافي الذي رأى في إسرائيل عدوا وهميا فرمى بالنساء والأطفال والعجائز من اللاجئين الفلسطينيين في العراء والصحراء خارج الحدود كي يستعيدوا بلادهم.
لم يتبق لنا شيء إلا الدعاء، ومنا وفينا جامعتنا الموقرة التي تحمل اسمنا الأكبر، فهي تدعو وتتوسل مثلنا، وإن بالغت تشجب وتستنكر، ولا ننكر عليها فالأمر أعياها حتى باتت مثلنا لسانا وشفتين؛ ولأنها لا تملك من الأمر شيء كان جديرا أن تستبدل صفتها من العربية إلى المتضرعة، لتكون جامعة الدول المتضرعة، وأجزم أنه اسم يليق بهذه الجامعة التي تجيد فن إقامة الاجتماعات في مقرها، وفي شرم الشيخ إجادة لا تبلغها تجمعات الدول الأقدم والأعرق وحتى الشاملة كما الأمم المتحدة.
ما باليد حيلة فهذا حالنا، وهذا ما نحن عليه، فالصوت لدينا بات أصدق إنباء من السيف، حتى لو أغضب هذا التحريف جدنا أبا تمام؛ لأنه لو كان معنا الآن لغير أبياته أو حتى تخلى عنها لينتقل إلى كتابة السيناريو التلفزيوني، أبرك له من شعر الحماسة الذي لن يجديه نفعا.
المشكلة الأكبر، أننا ورغم أن الألم يعتصرنا في كل بقعة من بلاد العرب أوطاني، وحتى من ينتمون إلى جامعة الدول المتضرعة، إلا أننا لا نملك شيئا ولا نعلم ماذا نريد؟!، وحتى من يواجهون التقتيل من أهلنا في غزة وعبر قادتهم، لا يعلمون ماذا يريدون، فهم في البدء رفضوا عروض وقف الحرب، وقبل أيام يستجدونها.
ملخص القول.. إننا مستكينون آمنون، وعلينا أن نزيد في الدعاء بيننا وبين أنفسنا، ولنترك الصوت العالي المتضرع شجبا وطلبا لعون الآخرين خاصا بجامعتنا المتضرعة.