حتى من برر الاعتداء الصهيوني على سكان غزة، كالولايات المتحدة الأميركية، ومن داهنها، وساوى بين الضحية والجلاد كالأمم المتحدة، حتى هؤلاء لم يتمكنوا من تجاوز مجزرة كانت نتيجتها قتل أطفال وأمهات ناموا في حضن وكالة تعمل تحت اسم الأمم المتحدة
الواجب الديني يحتم علينا نصرة إخوتنا في فلسطين، وواجبنا الإنساني يحتم علينا ذلك، علينا أن ننصرهم ولو بكسرة خبز أو قرص دواء، فالشأن الفلسطيني بمن فيه الغزاويون هو شأننا، بل إن غزة اليوم هي بحاجة إلينا أكثر من ذي قبل، فهي تعيش في حصار بري وبحري وجوي منذ سنوات، غزة تجد نفسها وبشكل دوري مجبرة على مقاومة من جعل من قصفها وقتل أطفالها هدفا استراتيجيا. غزة المدينة التي تعد من أكثر المدن كثافة سكانية تعيش في حصار أراد أولئك الوحوش أن يكون سجنا يخنق الأنفاس، أو أن تتحول إلى مقبرة جماعية تتراكم فيها جثث بعضها فوق بعض، غزة سواء ردت على الاعتداء الصهيوني أم لم تفعل ستقصف وستخسر الأرواح.. كما ستخسر القليل القليل الذي تملك، فتلك الحادثة التي أعتقد أن الصهاينة يدركون أنه لا علاقة للفلسطينيين بها، كانت ذريعة للقصف وللهجوم، والواضح من التحركات الصهيونية السابقة أن هذا القصف والهجوم خطط له منذ عدة أشهر، وأراد نتنياهو وزبانيته أن يكون في شهر رمضان إمعانا في التنكيل بالفلسطينيين.
هذا الكيان الصهيوني طالب الفلسطينيين بإخلاء المنازل، مما دفع الكثير من الآباء والأمهات إلى حمل أولادهم وشيوخهم وإخلاء المنازل والتوجه إلى مدارس وكالة الإغاثة الأونروا التابعة للأمم المتحدة لعلهم يجدون الأمن والأمان، ولعل أبناءهم يستطيعون النوم بسلام، فاستقبلتهم وحاولت توفير الأمن لهم بإبلاغ الكيان الصهيوني أن مدارسها تؤوي الآلاف من النازحين الذين أقبلوا عليها طلبا للحماية، هذا ما أكده المفوض العام للوكالة بيير كرينبول بقوله: تم إعلام الجيش الإسرائيلي بموقع المدرسة 17 مرة متتالية، كانت آخرها الساعة التاسعة إلا عشر دقائق من مساء الأمس، ساعات قليلة قبل القصف المميت على المدرسة.
إذا كان استهداف القصف الصهيوني للأطفال والمدنيين واضحا وبينا، فهو كان على علم بأن المدرسة تخضع لحصانة الأمم المتحدة ومن فيها نازحون توجهوا إليها مستجيرين. هذا الكيان كان على علم بطبيعة النازحين وأن غالبيتهم كانوا أطفالا، ومع ذلك تعمد القصف، ولم يكتف بالقصف مرة واحدة بل كررها ست مرات متتالية، فعل ذلك والصغار نائمون في أحضان آبائهم وأمهاتهم.
وقد أشار كرينبول إلى أن الوفيات والإصابات العديدة لهذا القصف طالت الأطفال والنساء وحارس الأونروا الذي كان يحاول حماية الموقع، مذكرا بأن هؤلاء هم المدنيون الذين صدرت تعليمات لهم من قبل الجيش الإسرائيلي بإخلاء منازلهم، في حين قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الولايات المتحدة قلقة للغاية: قصف منشأة تابعة للأمم المتحدة تؤوي مدنيين أبرياء يفرون من العنف غير مقبول على الإطلاق ولا يمكن الدفاع عنه. إزاء عدم أمان آلاف الفلسطينيين في مأوى قدمته لهم الأمم المتحدة في غزة بعد أن حثهم الجيش الإسرائيلي على مغادرة بيوتهم...
أي أن حتى من برر الاعتداء الصهيوني على سكان غزة كالولايات المتحدة الأميركية، ومن داهنها وساوى بين الضحية والجلاد كالأمم المتحدة، حتى هؤلاء لم يتمكنوا من تجاوز مجزرة كانت نتيجتها قتل أطفال وأمهات ناموا في حضن وكالة تعمل تحت اسم الأمم المتحدة.
إن استهداف التجمعات الإنسانية لهذا الكيان أمر متحقق لا يتحمل التأويل، فقد استهدف سوقا شعبيا في حي الشجاعية، إذ بعدما أعلن الصهاينة سريان هدنة مؤقتة لأربع ساعات، توجه الناس سريعا إلى السوق لجلب احتياجاتهم الأساسية وليلاقوا حتفهم جراء القصف الصهيوني.
ولكني هنا أنصح ذاك الذي لا يسمع إلا صوته... لنتنياهو وزبانيته.. ألم يئن الأوان أن تدرك أن للفلسطينيين الحق في أن يعيشوا كغيرهم على أرضهم مستقلين، ثم ألا تتوقف عند فشل أجهزة استخباراتكم الموساد التي أخفقت في معرفة ما يدار تحت أقدامها، ألا تتوقفون عند رغبة الشعب الفلسطيني في أن يعيش حرا في وطنه، الرغبة التي تزداد قوة وصلابة مع ازدياد إرهابكم ومخالفاتكم للقانون الدولي، ألا تعتقدون أنه آن الأوان لعقد اتفاقية تجمعكم مع الفلسطينيين تنهي هذه الحرب التي دامت طويلا، اتفاقية تضمن الحق الفلسطيني في مقابل أمنكم وراحة بالكم، ألا تخافون أن يهجر الصهاينة الأرض المحتلة إلى دون رجعة، فإذا أكدت دراسات أكاديمية صهيونية منذ سنوات: أن حوالي 26 ألف صهيوني يغادرون كيانكم المحتل كل عام، فكيف سيكون الحال الآن، أجزم بأن هناك الآلاف من الصهاينة يخططون لهجرة عكسية من الأرض المحتلة.. فرارا من الصواريخ والأنفاق الفلسطينية ومن المقاومة التي لا تهدأ، فقد هجركم الطيران الدولي خلال الأيام الماضية لتجدوا أنفسكم محاصرين بمن لا تحبونهم ولا يحبونكم.. فهل أنتم على استعداد لتكرار التجربة ولفترة أطول؟! ألا تهابون غزة التي أصبحت أمام العالم عزة.