يقول الفرنسي أناتول فرانس: القانون في مساواته العظيمة يمنع الفقراء كما يمنع الأغنياء من النوم تحت الجسور والشحاذة في الشوارع وسرقة الخبز..، ولعل هذه المقولة تختصر عليّ البحث عن مفردات كمقدمة لمقالي، كما تشرح - في الوقت ذاته - أهمية وجود القانون في تنظيم المجتمعات المتحضرة، وملاحقته للجميع بلا استثناء.
ما دعاني إلى الحديث عن القانون، والتفلسف قليلا، هو الأخبار التي تقول بملاحقة رئيسين أميركيين، سابق وحالي، وتطبيق القانون عليهما، دونما اعتبار لأي شيء آخر، وهنا تتجلى قدسية القانون، التي أجبرت مجلس النواب الأميركي على الموافقة على قرار يقضي بمحاكمة الرئيس باراك أوباما بتهمة تجاوز سلطاته الدستورية، بعد أن مُرر القرار بتصويت 225 مقابل 201 داخل مجلس النواب، بعد أن قال مؤيدو هذا القرار إن أوباما تجاوز سلطاته عندما تتجاوز المهلة المحددة لإنجاز قانون الضمان الصحي.
القانون ذاته، والذي لم يترك الرئيس الحالي، لاحق الرئيس السابق بصرامة، حيث ألقت الشرطة الأميركية القبض على الرئيس الأميركي الأسبق جورح دابليو بوش في إحدى نقاط التفتيش بـدالاس، بعد أن استوقفته للاطلاع على الأوراق، فتبين لها حيازته مخدر الكوكايين، وأثناء تفتيش أفراد الشرطة الموجودين بالمكان السيارة، بدا الرئيس الأسبق واقعًا تحت تأثير المخدر، ليعثروا على لفافة من مخدر الكوكايين بحيازته!
والحقيقة؛ أن كل هذا يبدو مثاليا ورائعا، ويتحدث عن مجتمع لا يقفز فيه أحد فوق القانون، لكن كل هذا سيتلاشى عندما نقرأ ما قاله بوش في نهاية القصة، عندما أكد: لقد كسرت العديد من القوانين عندما كنت بالرئاسة، ولم أركم قادمين للقبض عليَّ حينها! وكنت أصنع البارود والفحم المستخدم لتفجير الجماجم والعظام بـنيو هيفين بـتيتي عندما كنتم تبللون حفَّاضاتكم..، وهذا يعيدنا للمربع الأول من القانون الطبقي، وتحديدا لقول الماغوط: جميع الحقوق محفوظة ويكفلها القانون.. قانون الطوارئ طبعا، والسؤال هنا: من يستطيع العزف على القانون بذكاء؟. والسلام.