قيل عن النساء: يلدن الأعداء، ويُقربن البعداء، ويُورثن الشحناء ويثرن البغضاء، وهذا وإن كان محل خلاف، إلا أن الاتفاق كان مع معاوية رضي الله عنه حينما قال: ما مرّض المرضى، ولا نَدَبَ الموتى، ولا أعان على نوائب الزمان، ولا أذهب جيش الأحزان مثلهن!
- من أجمل ما وصلني قصة فتى فوجئ حينما أدرك ما حوله، أن هذه المرأة التي تمنحه كل هذا الحب والعطف والحنان طيلة هذه السنوات ليست أمه بل زوجة والده.. إذ أن أمه قد توفيت وهو لم يبلغ السنة من عمره!
يقول بعدما كبر في السن لم أكن أتخيل لحظة واحدة أنها ليست أمي، لقد كنت أحظى بعناية خاصة منها تثير غيرة إخوتي الباقين، والذين اكتشفت فيما بعد أنهم هم أبناؤها الحقيقيون ولست أنا، كانت تتعامل معي بصورة جعلتني أكذّب الحقيقة التي اكتشفتها حينما كبرت.. كنت لا أنام سوى في حضنها حتى دخلت المدرسة، والغريب أنني على الرغم من شقاوتي لا أذكر أنها ضربتني في يومٍ من الأيام!
حينما توفيت تلك المرأة أصيب بصدمة نفسية، وبكاها ليالٍ طويلة -يقول- بل إنه شعر باليتم الحقيقي، الذي لم يذقه، ولم يعرف معناه، وهو يتيم الأم.
كما أن هناك حكايات أخرى تقشعر لها الأبدان، لنساء افتقدن أبسط درجات الإنسانية، يقمن بتعذيب أطفال أزواجهن، بل يصل الأمر إلى قتلهم، أو التحريض على قتلهم، أو دفعهم للرذيلة، أو الانحراف، أو استعبادهم أو الوشاية بهم وتلويث سمعتهم، إمعاناً في الانتقام من أطفال أيتام لا شأن لهم بما يدور حولهم وليسوا مسؤولين عن حوادث الزمان التي قذفت بهم تحت رعاية هذه المرأة.. فإن هناك نماذج إنسانية تستحق الحديث.. لكنها بعيدة عن الضوء.. لنساء أفذاذ تعاملن مع أبناء أزواجهن بطريقة إنسانية فوق التصور.. وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء أيتام، بل ربما كانوا أبناء لمطلقات أو معلقات أو ما في حكمهن.. وحدهم هؤلاء هم القادرون على نقل تجاربهم وروايتها للمجتمع.