إحدى المشكلات الناتجة عن اليقظة الفردية والاجتماعية، أن شريحة من الرأي تحررت من نظرية التقديس لرمزية الشيخ إلى ممارسة السلوك المضاد، فقد ينتحلون شخصياتهم وينشرون بأسمائهم بعض السلوكيات الخاطئة، ثم يحجمونها سعيا في سقوط هذه الشخصيات من هيبتها المجتمعية، لكن المشكلة الأساسية تقع في أخطاء الخطاب الديني الذي يصل إلى القيم الدينية والروحية، وقد تجاوزها العقل المعاصر، مما جعلها تخضع للتمرد، فهي غير قابلة للتطبيق، والوصول إلى هذه الدرجة من السوء يشير إلى وضع خطر في مجتمع متدين كمجتمعنا.
الصدمة التي وقع فيها الكثير من الجيل الناشئ، وحالة الضياع التي يعيشونها، تتمحوران في سؤالهم الدائم: نصدق من؟!، يجعل الإجابة عن هذا السؤال مسؤولية كل من يتحدث في شأن العامة، فهم ليسوا في حاجة إلى المنازعات، ولمن تكون صحة الرأي، إنما هم في حاجة إلى من يساعدهم ليساعدوا أنفسهم، فالبناء الاجتماعي يحتاج إلى الوعي وإدراك الحاجة الإنسانية، وهذا ما لم يستطع أن يقدمه الثوب الديني حتى اليوم.
الحاجات الإنسانية في أي مجتمع تتميز بالتعدد والتنوع، غير أنها تتميز بالتجدد أيضا، إضافة إلى أنها نسبية، وهذه المثالية بعيدة عما يتميز به الوجه الثقافي، وقد طالب الكثير بمن فيهم المعتدلون من علماء الدين بضرورة وضع حد للتجاوزات الأخلاقية التي وصلت إلى القذف العلني في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن غياب التشريعات الصارمة جعلت البعض يتمادى فيما يكتب، وبهذا فنحن في حاجة إلى قانون لا يقف عند التجاوزات التي يشتكي منها البعض على مواقع التواصل، فهناك من يقصي ويشتم في المحاضرات الدينية، ومن فوق المنابر وفي المجالس العامة، وكل هذه الصراعات تنصب في جدل مستديم حول الرأي الأرجح الذي يتحدث باسم الدين، ومن يظن أنه يستطيع وحده أن يرى الحق.
فالمطلب يكمن في إيجاد تنظيم للعلاقات الاجتماعية، بما فيها ضبط الخطاب الديني وضبط الفتوى، ويمكن اعتبار مسألة الاستقرار الاجتماعي مسؤولية نظامية يجب أن توضع القيود لضبطها، وللحد من المشكلات التي تعيق تحقيقها.