إهداء 18 ألف كتاب عمل ريادي غير مسبوق، جدير بأن يُقابل بمـا هو أهل له من الشكر والثناء والاعتراف بالجميل ليس على المستوى الشخصي فحسب، ولكن على مستوى الوطن بعامة، ولا سيمـا أنه عمل نادر لا يمكن أن يُقدم عليه إلا الكرماء من الرجال

كم هو جليل وجميل أن نلتزم هدي النبوة المبارك في أن نقول للمُحسن أحسنت، وكم هو رائع وماتع أن نُقابل المعروف بالمعروف فنحفظ لصاحب الفضل فضله، وكم هو حسن وبديع أن نُنزل الناس منازلهم ونوفيهم حقهم الذي قسمه الله لهم ووفقهم إليه دون غيرهم.
أقول هذا وقد عشت وعايشت أحداث وتفاصيل واحدة من أروع وأجمل وأنفس المبادرات النادرة الوجود في وقتنا الحاضر؛ حيث بادر أحد أبناء هذه البلاد الطاهرة، وهو الشيخ الفاضل المؤرخ الدكتور عمر بن غرامة العمروي - بارك الله له وفيه وعليه - بضرب أروع الأمثلة وأصدقها في البذل والعطاء، يوم أن أعلن عن تبرعه السخي النادر الفريد بكامل محتوى مكتبته العامرة البالغ عددها قريباً من ثمانية عشر ألف كتاب لأبناء وأهالي محافظة (تُنومة بني شهر)، والمعنيين منهم بالشأن الثقافي والمعرفي، تقديراً منه (بارك الله فيه)، وتشجيعاً ودعمـاً لمسيرة الحركة الثقافية والعلمية والتعليمية والتوعوية في هذا الجزء الغالي من بلادنا الحبيبة، وهو مع ذلك كله لا يبتغي بمـا قدّم إلا وجه الله سبحانه وتعالى، ودعوات الصالحين الصادقين، حيث أعلن عن نيته أن يكون ذلك العمل صدقة جارية - بإذن الله تعالى - إلى يوم القيامة.
وهنا أقول: إن ما قام به (حاتم الثقافة في بلادنا) - وليس في هذا مبالغة أو مجاملة - من عمل ريادي غير مسبوق، جدير بأن يُقابل بمـا هو أهل له من الشكر والثناء والاعتراف بالجميل ليس على المستوى الشخصي فحسب، ولكن على مستوى الوطن بعامة، ولا سيمـا أن ما نحن بصدده عمل نادر لا يمكن أن يُقدم عليه إلا العُظمـاء من الرجال، وأصحاب المزايا والصفات النادرة التي قلّ أن توجد في زمننا الحاضر؛ الذي نعلم جميعاً مدى تهافت الناس فيه على الدنيا وما فيها، وحرصهم المتزايد على الجري وراء حُطامها، والتصارع من أجل زينتها الفانية وبهرجها الزائف.
وانطلاقا من مبدأ الاعتراف بالفضل لأهل الفضل؛ فإنني أستحضر حديثا نبويا كريمـا يحثنا في دلالته ومعناه على مكافأة أهل المعروف والإحسان، ولو بمجرد شكرهم القولي والثناء عليهم، والإشادة بما قاموا به من جميل العمل ورائع التصرف؛ فقد صح عن ابن عمر (رضي الله عنه)، أنه قَال: قَال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم): من أتى إلَيكم معروفا فكافئوه، فَإن لم تجدوا فَادعوا الله حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه (رواه أبو داوود والنسائي).
وقبل أن أختم مقالي فإنني أتوجه بعدد من التساؤلات لعدد من الجهات التي لا شك أنها معنية بسرعة التجاوب وإيجابية التفاعل مع هذا الموضوع، وفيها أقول:
-ألا يستحق صاحب هذه المبادرة الرائعة والعطاء الكريم أن يُحتفى به ويتم تكريمه على المستوى التُنومي خاصة، وعلى مستوى المنطقة عامة؟
- ألا يستحق صاحب هذا الفعل الجميل أن يُكرَّم على مستوى الوطن في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) على سبيل المثال، أو في إحدى مناسبات وزارة الثقافة والإعلام كـمعرض الكتاب الدولي وما في حُكمه من المناسبات الثقافية الأخرى على مستوى الوطن؟
-ألا يستحق الدكتور عمر بن غرامة العمروي، وهو الذي جاد بالغالي والنفيس أن يكون ممن يُشار إليهم بالبنان في مختلف المناسبات الثقافية ذات العلاقة، وعلى مستوى وسائل الإعلام الرسمية مرئية أو مسموعة أو مقروءة؟
-ألا تستحق محافظة تُنومة أن تحظى - في حالة استثنائية وعاجلة - بمبنى حكومي خاص لهذه المكتبة الزاخرة التي لا شك أنها ستكون نواة لمكتبة كبيرة تخدم القراء في هذا الجزء الغالي من بلادنا؟
إنها رسالة أبعثها عبر وسائل الاتصال والإعلام، ومن خلال قنوات التواصل الممكنة لعلها تصل إلى من يجب عليهم أن يهتموا بالأمر، وأن يمنحوه اهتمـاما كافيا، وعناية خاصة تليق بسمعة وطننا الغالي وتفي بحق المُتميزين من أبنائه في المجال الثقافي والمعرفي.