تبوك: محمد زامل

مطالبات بتفعيل دورها لإيقاف مسلسل 'المآسي'.. و70? من الحالات لأطفال بين 2 - 6 سنوات

كشف أحد المتخصصين بطب السموم في المملكة عن قصور واضح في متابعة دخول السموم ومراقبة بيعها داخل الأسواق، مؤكداً على أن وزارة الصحة لم تدرك بعد خطر تلك السموم المنتشرة بكل مكان، وقال وزارة الصحة تسجل يومياً حالات حرجة ووفيات ناتجة عن الفسفور العضوي دون أي محاولة منها لطلب حظر بيعه أو على الأقل مناقشة الحلول، فيما التزمت الوزارة الصمت مقابل تلك الاتهامات.
تحرك متأخر
وأوضح استشاري طوارئ الأطفال وطب السموم بمستشفى الملك فيصل التخصصي الدكتور نهار الرويلي في حديث خاص إلى الوطن، أنه بغياب الأنظمة والعقوبات، أصبحت تلك السموم تسوق عبر شاشات التلفزة وصحف الإعلانات، مطالباً بالحزم وعدم تأخير مثل تلك الأنظمة والعقوبات، لأنها تمس حياه الإنسان بشكل مباشر.
وأشار الرويلي إلى أن تحرك وزارتي التجارة والزراعة لمراقبة بيع فوسفيد الألمونيوم جاء متأخرا جدا، بعد وفاة عدد لا يستهان به من المواطنين، لافتاً إلى أن الرقابة على دخول مثل تلك السموم وتسويقها ليست بالشكل المطلوب والمرضي، لافتاً إلى أن بعض السموم الخطيرة تباع في محلات أبوريالين بشكل علني.
مراكز معطلة
وشدد الرويلي على وجوب تبني إحدى الجهات الحكومية مراقبة تلك السموم، ووضع القوانين والأطر التشريعية لها بشكل جاد وسريع، مشيراً إلى أن أفضل من يمكنه القيام بتلك المهمة هي مراكز السموم، إلا أنه استدرك حديثه بالقول مراكز السموم نفتقدها في السعودية، وإن وجدت فهي للأسف لا تقوم بعملها كما ينبغي، مرجعاً السبب في ذلك إلى عدم إدراك أهميتها من قبل الجهات الحكومية، وقلة الدعم الكافي لها، إضافة إلى عدم وضوح الأهداف التي ينبغي عليها تحقيقها، وأردف قائلاً عندما تعمل والأهداف أصلاً غير معروفه لن تصل لشيء.
وأشار الرويلي إلى أن مراكز السموم في الوقت الحالي قليلة جداً، ولم تصل لتطلعات المواطن والممارس الصحي، وزاد بالقول أعلم بأن هناك الكثير من التحديات والعقبات التي تؤخر نموها، إلا أنه يجب منحها صلاحيات أكبر وأشمل وصولاً لاقتراح وسن القوانين المناسبة في ضبط السموم ومراقبتها.
توفير مليارات
وأبان الرويلي أن مراكز السموم في الولايات المتحدة الأميركية توفر على الحكومة مبالغ تقدر بحوالى المليار والنصف مليار من التكاليف الصحية سنوياً، لأنها تستقبل مكالمات المواطنين حول ماذا يجب عمله عند التسمم، مشيراً إلى أن 70% من حالات التسمم لا تستدعي الذهاب للمستشفى وإشغال أسرة يمكن الاستفادة منها لمرضى آخرين. وأبان الرويلي أن تلك المراكز تقدم للمستشفيات التوصيات المناسبة لكل حالة تسمم، لتجنب الكثير من التحاليل والأدوية غير الضرورية والبقاء الطويل في المستشفى عند عدم الحاجة.
وقال الرويلي أنت لست بطبيب وعندما يبتلع طفلك كميه قليلة من الشامبو مثلا، كيف لك أن تعلم أنه ليس ضاراً، وأنه ليس من الضروري الذهاب للمستشفى، هل من مركز سموم يجيب على سؤالك بمجرد الاتصال به على مدار الساعة؟.
70% من الحالات لأطفال
وكشف الدكتور الرويلي عن أن 70% من حالات التسمم تحدث لدى الأطفال، وخصوصا ما بين عمر 2-6 سنوات، معظمها ناتج عن السموم الموجودة في المنازل، وأضاف أن من أهم الطرق لتقليل حالات تسمم الأطفال، استخدام العبوات المقاومة للفتح، التي لا تطبق في السعودية، رغم عمل الدول المتقدمة بها منذ زمن، في دليل واضح على غياب الأنظمة والقوانين.
الفوسفور العضوي
وحذر الرويلي من وجود الأدوية في متناول الأطفال، إذ قال تخلصوا من الأدوية عند عدم الحاجة لها، واحفظوا ما تحتاجونه منها بمكان لا يصل له أو يستطيع فتحه الطفل، كما حذر من استخدام الفسفور العضوي، أو ما يسمى سم الجرة لأي غرض كان، نظراً لخطورته العالية والقاتلة، إذ إنه ينتمي لمجموعة من المركبات الكيميائية، التي يستخدم بعضها كسلاح كيميائي، مثل غاز السارين الذي يؤدي لفشل الجهاز العصبي والتنفسي والقلب ثم الوفاة.
وأشار إلى إحدى القصص التي وقف عليها، حيث توفي 4 أطفال من أسرة واحدة، نتيجة استخدام سم الفسفور العضوي، بعد استحمامهم به لعلاج القمل.
قصة وسم
وأوضح استشاري السموم الرويلي أنه خلال عمله قابل بعض أهالي الأطفال الذين تسمموا بالفوسفور العضوي - والذي عده أحد أخطر السموم المتوافرة في السعودية-، وبسؤالهم عن مدى معرفتهم بخطورة ذلك المركب، أجابوا بعدم علمهم بذلك، وهو ما ينم عن غياب الدور التوعوي والجهل بخطر مثل تلك السموم، الأمر الذي دعاه لإنشاء هاشتاق خاص في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، تحت عنون سمموني.
وقال الرويلي الهاشتاق استشعار للمسؤولية التي أعتقد أنها أحد الواجبات التي يتحتم علي القيام بها كمتخصص في علم السموم، وهدفنا نشر الوعي حول الوقاية من السموم، في ظل غياب النظام والرقيب عليها، فالكثير من الأطفال وحتى الكبار، يتعرضون لحالات تسمم، قد تنتهي بهم إلى التنويم في العناية المركزة أو الوفاة، لا قدر الله، والسبب هو الجهل بمخاطر تلك الأدوية والمواد الكيميائية، لافتاً إلى أن الهاشتاق وجد الكثير من التفاعل من قبل المغردين، ليتحدثوا فيه بلسان ذلك الطفل البريء أو المواطن البسيط، الذي كان ضحية لبعض تلك السموم نتيجة غياب الأنظمة والرقابة الصارمة، مؤملين منه في إيصال أصواتهم للجهات المسؤولة.
الصحة لا تتجاوب
الوطن بدورها، وجهت عدداً من الأسئلة إلى المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني حول دور مراكز مراقبة السموم في متابعة وكشف المواد السمية، ومدى التعاون بين وزارات الصحة والتجارة والزراعة في هذا الخصوص، إضافة إلى الهدف من إنشاء لجنة السلامة الكيميائية التي استحدثتها وزارة الصحة أخيراً، وكذلك عدد حالات التسمم الكيميائي التي تم رصدها خلال الربع الأول من العام الجاري، إلا أنه لم يتجاوب مع اتصالات الوطن المتكررة منذ 19 مارس الماضي.
ناقوس الخطر
وكان عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري، قد تداولوا خلال الشهر الماضي، فيلماً وثائقياً بعنوان فوسفين - بلغ عدد مشاهديه أكثر من 4.6 ملايين، حسب إحصائيات اليوتيوب أمس-، وهو الأمر الذي أثار العديد من النقاشات والجدل حول السموم ووجوب وجود أنظمة وقوانين في هذا الشأن.
في حين تحركت العديد من الجهات الحكومية لمحاصرة مادة فوسفيد الألمنيوم المعروفة بـالفوسفين، حيث قامت وزارة التجارة بجولات ميدانية على الكثير من محلات بيع المبيدات الحشرية في مناطق المملكة، الأمر الذي أسفر عن ضبط حوالى 15 طناً من تلك المادة في مدينة جدة فقط، وشددت الوزارة على عدم تهاونها مع من يبيع مثل هذه المواد، داعية في الوقت ذاته، عموم المستهلكين للإبلاغ عن المحال التي تبيع الفوسفين عن طريق مركز البلاغات في الوزارة على الرقم 8001241616.
فيما عد وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم في -تصريح صحافي سابق- استخدام الفوسفين في المنازل جريمة يعاقب عليها القانون، مشيراً إلى أنه لم يشرع ويصمم للاستخدام في المواقع السكنية، بل يستخدم في الأماكن الزراعية وفي صوامع الأغذية والحبوب.