يبدو أن مفهوم اللجان القضائية في الاتحادات الوطنية لا يزال غير واضح للكثيرين ممن يمارسون العمل الرياضي في مجال اللعبة، بل إنني لا أتحرج من القول إن هناك أعضاء في مجلس الإدارة أو حتى في اللجنة نفسها لا يعون تماما ماهية آلية عمل اللجنة ضمن أعمال الاتحاد نفسه.
هناك من يعتقد أن اللجان القضائية أكبر من اتحاد القدم أو أنها منفصلة عنه تماما ولا يحق للاتحاد ممارسة أي دور عليها، وهذا الكلام غير صحيح، وهناك من لا يعي معنى استقلال اللجان القضائية بالمعنى الكروي الصحيح، وزاد الطين بلة وجود بعض الأعضاء المتخصصين في القانون في هذه اللجان وممن لا يفهمون ولا يهتمون بكرة القدم ولذلك نتج هذا الفهم الخاطئ.
في تشكيل اللجان القضائية يجب أن يكون الأعضاء ممن يهتمون ويعملون في مجال اللعبة ولهم خلفيات تتعلق بكرة القدم وإدارتها، ويفضل أن يكون الرئيس والنائب ممن لديهم مؤهلات قانونية ولم يحدد فيفا نوعية المؤهلات القانونية.
على كل حال، أود أن أوضح أن اللجان القضائية في أي اتحاد كرة القدم في العالم يتم تشكيلها أو حلها أو إقالتها من قبل مجلس الإدارة الذي يقوم بصياغة اللوائح الخاصة باللجان القضائية من قبل اللجنة القانونية أو أي لجنة مختصة باللوائح.
كما أن اللجان القضائية إذا رأت أن هناك موادا أو فقرات تحتاجها اللائحة وترغب في إضافتها أو حذفها أو تعديلها فيمكنها أن ترفع طلبا لمجلس إدارة الاتحاد، الذي بدوره يدرسها ويحيلها للجهة المختصة في الاتحاد (اللجنة القانونية) ثم يتخذ قرار بشأنها حسب رؤية الاتحاد.
ويمكن لمجلس إدارة الاتحاد إذا رأى أن هناك مخالفات أو أخطاء أو تجاوزات أن يحل اللجنة أو يقيل بعض أعضائها ويستبدلهم بآخرين، في حال رأى أن ذلك مهما ولمصلحة أعمال الاتحاد.
إن الاستقلالية التي يتحدث عنها كثيرون دون أن يعوا حقيقتها تتعلق بعدم تدخل مجلس الإدارة في اتخاذ القرارات الانضباطية أو الاستئنافية أو الأخلاقية، حيث إن ذلك من حق اللجان المعنية فقط (الانضباط، الاستئناف، الأخلاق) ولا يحق للاتحاد أن يتدخل بأي شكل أو يمارس التأثير على القرار بتغييره أو تعديله أو إلغائه.
وليس من المقبول أن تقوم اللجنة القضائية بصياغة لائحة لجنتها؛ لأن ذلك سيفضي الى رؤية ضيقة كون أعضاء اللجنة سيقومن بإعداد اللائحة وفقا لما يهمهم، وما هو في صالحهم دون الرؤية الواسعة لأهداف الاتحاد، وبالتالي فإن مهمتهم تنحصر في تطبيق اللائحة التي يعدها الاتحاد نفسه وفقا لرؤية عامة لمصلحة اللعبة.
أكبر مصائبنا هو خوض من يفهم ومن لا يفهم في موضوع اللوائح الكروية في جدال لا ينتهي لأن الأغلب يتحدث دون وعي بحقيقة الأمر، ولذلك قد يتفاجأ البعض مما طرحته في مقالي هذا بخصوص استقلالية اللجان القضائية وفهم نوعية العلاقة وحدودها بين الاتحاد وبين هذه اللجان.