ما نتج عن الغلو في التطرف بات واضحا للعيان لا يخفى على أحد.. والمحصلة هي مجموعات متطرفة تتبنى العنف لتحقق المكتسبات وتسيطر على البلاد حتى ولو بطشت بأهلها باسم الدين، وها هم عناصر داعش يؤكدون ذلك بأفعالهم في المناطق التي سيطروا عليها.
إن كان التطرف مصيبة لدى حامله فإن الغلو فيه كارثة تؤدي إلى اشتعال المكان، ويبدو أن المحاولات التي بذلت من قبل العاقلين لتصحيح المسار الفكري للمتطرفين أثرت على عدد ممن قبض عليهم وتمت محاورتهم، غير أنها لم تصل إلى المتطرفين البعيدين، وبالتالي ظلوا جميعهم على ما يعتنقون من مبادئ لا يعرف أصحابها أسلوبا للحياة غير العنف والقتل والقمع، وعلى الرغم من ذلك فهم يقترحون أنفسهم وتنظيماتهم بديلا للأنظمة القائمة في الدول الإسلامية وحتى غير الإسلامية، ولديهم نزعة توسعية تستند على الهمجية وإرعاب من يجتاحون مناطقهم حتى يهابوهم، والأمثلة كثيرة عن مناطق احتلها الداعشيون وعاثوا فيها خرابا.
قد يكون الحوار الفكري مجديا مع من يتقبل عقله الحوار أو من هو مستعد جزئيا لأن يتحاور أو من فيه بقية من بذرة خير، أما أولئك الذين وهبوا عقولهم لزعيم التنظيم فلا مجال لإقناعهم، لذلك يفقد الحوار معهم معناه لأنه في هذه الحال ليس سوى وسيلة لتمديد زمن استمرارهم، ويبقى الخيار الوحيد للتعامل معهم اجتثاثهم بشكل كامل من جذورهم والقضاء على كل من يبقى منتميا إلى تنظيم إرهابي.
فتنظيم داعش وما ماثله ليسوا إلا صورة حقيقية تطبق الإرهاب على أرض الواقع، وإلا فما معنى أن يأتي داعشي باسم الإسلام ليستولي على مسكن يمتلكه غيره، أو يأخذ عنوة مالاً ليس من حقه، أو يخطف ليطلب فدية وغيرها من سلوكيات لم يشهد مثلها التاريخ وليست من الدين في شيء. فالدين السمح لا يرضى بترويع الآمنين، ولو عرف المنتمون لتنظيم القاعدة وفرعه المتمرد عليه داعش تلك المسألة لما روعوا الناس في ديارهم، ولما فجروا وقتلوا ودمروا وخربوا ونهبوا وسلبوا..
لو أن لدى عناصر تلك التنظيمات فكرة عن خطب الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته، وخطب وسير الخلفاء الراشدين ويعدونهم رموزا سامية لهم، لما ارتكبوا أفعالا تخجل منها البشرية، غير أنهم لا يدركون.. أو يدركون ويتجاهلون من أجل هدف متستر تحت شعارات وسلوكيات يريدون إفهام الناس أنها دينية والدين منها براء.. ولذلك لا يفيد حوار الفكر معهم.