في ليالي رمضان القصيرة، استبدل العرب ذكر الله واغتنام كرم الشهر العظيم بأحداث دامية هدامة، هل هذا بسبب مخطط أجنبي؟ أم هي إستراتيجية من صنع ضبابية التفكير العربي؟

في ليالي رمضان القصيرة، استبدل العرب ذكر الله واغتنام كرم الشهر العظيم بأحداث دامية هدامة، هل هذا بسبب مخطط أجنبي؟ أم هي إستراتيجية من صنع ضبابية التفكير العربي؟
بعد صلاة التراويح في مدينة الخبر، اجتمع سلام مع أصحابه بانتظار وقت السحور، كانت ليلة تملؤها رطوبة الطقس بالإضافة إلى حرارة الأحداث.
أقبل مضيف الجلسة وبيده صينية الشاي قائلاً: هل من أحد منكم قادر على أن يشرح لي ماذا يجري في العراق والشام؟، رد عليه أحد الجالسين: تقصد داعش، داعش جماعة إرهابية وجدت في سورية أرضا خصبة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية.... قاطعه آخر بقوله: داعش منظمة مساندة للقاعدة، قال آخر: داعش منظمة أنشأتها إيران لتنفيذ مخططاتها في المنطقة.... تدخل آخر قائلاً: لا أعتقد ذلك، فلو كان كذلك لما تدخلت إيران لمناصرة المالكي في ضرب داعش، رد عليه المضيف بقوله: القاعدة أصبحت مُحاربة من معظم الدول، وقد أُستهلك اسمها كثيراً، لذا اتجهت القاعدة إلى تجديد تسويق أفكارها بمسمى جديد، هكذا ولدت داعش.
قال سلام: كل منكم لديه طرف خيط مما يجري، وقبل أن نعرف ماذا يجري يجب علينا أن نحلل، ما الذي حصل من الدول المعنية بمحاربة داعش؟ لننظر إلى الآتي، أولاً: داعش ولدت في العراق ولم يتعرض لها أحد في مهدها، ثانياً: دخلت داعش إلى سورية بعد أن أخذ الجيش السوري الحر زخما دوليا مناصرا خاصة من الغرب، ثالثاً: لم يتدخل العراق ولا جيش الأسد ولا حتى إيران في انتقال داعش من العراق إلى سورية، رابعاً: لم نر روسيا تحرك ساكناً حيال تدخل داعش في سورية، خامساً: احتدام المنافسة بين تنظيم النصرة وداعش حول من سيرفع راية الانتماء للقاعدة أولاً، سادساً: استقلال داعش عن الامتثال للظواهري وإعطاء الظواهري أوامره للنصرة بعدم الاقتتال مع داعش....
قاطع أحدهم سلام بقوله: سلام ائتنا بخلاصة الحديث، ما تحليلك؟. قال سلام: لنتحول إلى أهداف الدول المتدخلة مباشرة في الثورة السورية، روسيا تريد إفشال الثورة السورية، إيران وحكومة العراق تريدان القضاء على نفوذ السنة في منطقة الهلال الشيعي، أميركا والغرب يُريدان القضاء على التطرف السني. الآن لنر، ما تأثير داعش على تلك الأهداف الموضوعة من قبل تلك الدول والحكومات؟ وقبل أن أبدأ بذلك أُريد أن أبل ريقي برشفة من الشاي.
قال سلام بعد مضي ثوان: عندما كانت داعش في مهدها في العراق، لم نر من المالكي أي فعل لإجهاض هذا المولود! كذلك أفسحت حكومة الأسد الطريق لتنظيم داعش للمرور بمواقعها لتقاتل الجيش الحر مع أن رسالة داعش هي إنشاء الدولة الإسلامية في العراق والشام! هذا دليل قوي على أن الأهداف واحدة بين التنظيم والحكومتين! لم نسمع من روسيا أي امتعاض من داعش وهذا دليل آخر، دخلت داعش في ثلاث مراحل خلال عملياتها في سورية، المرحلة الأولى بانطوائها تحت شعار القاعدة مع تنظيم النصرة، المرحلة الثانية اقتتالها مع النصرة ولو على نطاق ضيق، الثالثة استقلاليتها عن القاعدة وإعطاء الظواهري أوامره للنصرة بعدم قتال داعش.
استمر سلام بقوله: إيران والمالكي وحزب الله غضو الطرف عن تحركات داعش داخل سورية والعراق! ليستنتج من ذلك قبولهم بهذا التدخل المضعف للجيش الحر..، قاطع أحدهم سلام بقوله: كيف تقول إن العراق وإيران راضيين بذلك، وهما يقاتلان بالعراق؟!
رد سلام: هناك أسئلة أكثر من الأجوبة، ولننتقل لداعش وقتالها المعلن ضد المالكي وحلفائه، في البداية نرى أن داعش بدأت قتالها مع العشائر، ثم مع المالكي في مناطق السنة بالعراق، مع أن عدوها بحسب تهديداتها يستوطن المنطقة الوسطى والجنوب، إلا أنها لم تتدخل في تلك المناطق! مما ساعد المالكي وإيران على أن يعلنوا أن مناطق السنة هي بؤرة الإرهاب لإكمال مخططهم في تحجيم النفوذ السني بالعراق، نتج من ذلك تدمير مناطق السنة في الأنبار ومحافظات ديالى ونينوى وصلاح الدين، بالإضافة إلى طلب المساعدة من الغرب في حربهم المزعومة على الإرهاب، خاصة بعد تسليح داعش بالمال والعتاد جراء انسحاب قوات المالكي وترك مالهم وعتادهم لداعش! بذلك تمكنت داعش من وسم السنة بالعراق بصفة الإرهاب لتجنيد العالم في قتالهم.
قال أحدهم: وماذا عن القاعدة، أين هم؟. رد سلام: لا ننسى أن القاعدة ممولة من إيران قبل الربيع العربي؛ لذا لا تجد أن القاعدة قامت بعمل يضر بالمصالح الإيرانية، بل تساند إيران في أجندتها كما نرى في قتالها للجيش الحر وإسنادها للحوثيين وإسناد الحوثيين لهم في أحداث شرورة القريبة، فهي موالية لإيران وحلفائها، قال أحدهم: ولماذا لا نرى تحركا في إعلامنا لإظهار ذلك؟ قال سلام: قلت إن هناك أسئلة أكثر من الأجوبة.
قال أحدهم: ماذا عن الغرب؟ كيف لم يلحظ ذلك؟ رد سلام: لقد لاحظ الغرب ذلك، ولكنه يغض الطرف؛ لارتباط مصالحه مع مصالح إيران وحلفائها لإضعاف النفوذ السني، وها نحن نرى أقوال الغرب، وخاصة أميركا المتعارضة مع أفعالهم وخاصة في سورية، وتصريح الرئيس الأميركي بأن الجيش الحر لن يتمكن من الانتصار على الأسد، وفي الوقت نفسه يتكلم عن مساندات وإعانات للجيش الحر، وآخرها ما نرى من محاولات أميركية للتدخل في شؤون البحرين متمثلة فيما قام به مساعد وزير الخارجية الأميركي مالينوفسكي، وهنا أريد أن أؤكد أن موضوع داعش سيبقى غريباً وننتظر الأيام لتكشف لنا الحقيقة.
صمت الجميع مع حركات أيديهم يقول: حان الوقت لوضع مصلحة الوطن وأمنه فوق المصالح الشخصية لأفراد ومنظمات.