ما هذا العالم الإسلامي والعربي الذي نعيش فيه؟!
من جانب، أبناء لنا وإخوة يقتل بعضهم بعضا باسم الطائفية، ومن جانب باسم دولة اخترعوها في عقولهم الموبوءة بالدماء والإقصاء، ومن جانب ثالث، عدوا سفّاحا يفتك بكل طفل وحجر وامرأة وشيخ وشاب كان قدره أن يولد فلسطينيا يرفض التخلي عن أرض أجداده!
العرب والمسلمون يجتمعون في لقاءات تخصهم وحدهم من أجل التنديد بالصوت والكلام، وفي المحافل الدولية يستقلون الطائرات الخاصة لأجل رفع تظلمهم لعالم لا يعترف بلغة الإنسانية والعدل، بل يفهم ـ فقط ـ لغة السياسة والتنازل واللعب بأوراق المصالح والاقتصاد والتحالفات.
إنه عالم سريالي يصعب العيش فيه، فإلى جانب المشاكل التي يعيشها الفرد العربي والمسلم في حياته، من ضيق الأفق، فإنه مطالب ـ كذلك ـ بأن يعيش الخوف من القنابل التي تنهال على رأسه، والقتل على هويته، وجز رقبته من قريب اختلف معه في الرؤية حول تفسير الإسلام وشرائعه التي هي من رحمة الدين العظيم وأساس لحكمة الله في تشريع حكم العباد لبعضهم.
إذاً من الملام على كل هذا؟ ومن المسؤول عن تردي هذا العالم العربي والإسلامي؟ هل هو الغرب الذي لا يعترف إلا بالقوي؟ أم الإسرائيلي الذي ولد وفي فمه بندقية وقنبلة؟ أم هو العربي الذي انكفأ على نفسه ولم يحاول أن يتحدث للعالم باللغة التي يفهمها؟ أم هو المسلم الذي أوكل أمره لحفنة من الرهبان الذين أخذوا على نفسهم عهدا بإعادة الملامح المظلمة من تاريخ دول ادعت تطبيق ديننا العظيم وتركوا سيرة وروح هذا الدين القويم، الذي انتشر بالحكمة والموعظة الحسنة؟
هل العيب في شعوب ارتضت أن تكون عالة على غيرها، لا تخترع أو تبتكر أو تتعلم العلم المفيد لبناء الأوطان، وتعاملت مع التاريخ باعتباره مدرسة للاستفادة لا سبيلا للبكاء على الأطلال والعيش في كربلائيات من التراجيديا الإسلامية المخزية؟
فلسطين التاريخية لم يبق منها إلا النزر اليسير أرضا وتاريخيا، والفلسطينيون اقتتلوا وسيقتتلون ما داموا يرون أن الحل يكمن في المال، وما دام الفكر الإقصائي هو النهج الذي ينتهجونه فيما بينهم، وإسرائيل المغتصبة ستستمر في نهش الجسد الفلسطيني الممزق المنقسم على بعضه، والعراق العظيم لم يبق منه إلا امتداد لحضارة فارسية طائفية، والـدواعش ومن على شاكلتهم ما هم إلا حشاشون جدد، امتهنوا القتل في سبيل جنة لن يروها بإذن الله.