في هذه الزاوية، يسرد الكُتاب حكاياتهم مع الكتابة منذ بدئها الأول، حتى استواء القلم، وانسياب اللغة، واحتراف الكتابة.. تقول كاتبة الرأي في 'الوطن' سارة مطر:
في بدايات مراهقتي الأولى ومع ظهور أول حبة شباب على وجهي النحيل وقتها، كنت أحلم 365 مرة في اليوم أن أكون رجلاً، وربما هذه الفكرة طرحتها في أكثر من موقع في كتابي الأول قبيلة تدعى سارة، ومناسبة حديثي حول رغبتي القديمة والتي بالتأكيد تغيرت تماماً الآن، بسبب إدراكي الحقيقي لقيمتي كامرأة، أقلها مثلاً أنني أجد يومياً من يفتح لي الباب بسبب كوني امرأة، وأثناء صعودي لباص الطائرة، يقف كل الرجال بينما تتوسد النساء المقاعد القليلة، وهذا أمر يجعلني أشعر بأني متميزة بعض الشيء، ثم أن لا أحد من عائلتي يطلب مني أن أنوب عنه في أي خدمة في الجهات الحكومية، كالمرور والجوازات لأنني ولله الحمد امرأة.
المهم لنعد الآن لرغبتي في أن أكون رجلاً لهذه اللحظة فقط، وذلك كي أقول تلك العبارة البائدة التي يضحك بها رجالنا على نسائهم، حينما يسألوا هل أحببت قبلي؟ فيرد الزعيم والعقيد وأنطونيو وسيلفستر والبطل ذو الرجل المسلوخة، قائلاً: الحب الأخير، هو الحب الحقيقي، لذا، فأنا أود أن أهرب من الإجابة عن سؤال متى بدأت كتابة المقال، بالرد بأن آخر مكان أكتب فيه مقالي، هو بالنسبة لي بدايتي الأولى. لكن الحقيقة التي لا أود الجميع أن يعرفها، أنني كتبت المقال في سن مبكرة جداً، وتوقفت لأنني حينها لم أكن أعي أو أفهم ماذا تعني كتابة مقال، وحتى الآن أستغرب من جرأتي في أنني لم أتوقف من أول مقال مثلاً، فقد كنت أكتب بلغة صعبة ومملة وفارغة، وكان كل ما يهمني هي اللغة.
بعد ذلك، وأثناء دراستي في مملكة البحرين، أخبرني زميلي منير عوض أن جريدة اليوم تبحث عن أقلام شبابية جديدة وأنه طرح اسمي، تحدث معي صحفي مهذب جداً اسمه بدر سنبل، وتم الاتفاق على الكتابة، لكن للأسف مشاركتي جاءت بأربع أو خمس مقالات فقط، وتوقفت أيضاً عن الكتابة، لم أجد نفسي في كتابة المقال، ولم أحب أصلاً ما كتبته، وكنت أعتقد أنني لا أصلح إلا لكتابة القصة والرواية، وكنت حينها أحلق في مدونتي قبيلة تدعى سارة من دون قيود، ثم إنني لم أكن حينها واعية لمفهوم كتابة المقال، لذا كنت صريحة للغاية مع نفسي، وتوقفت ولكني لم أنس مطلقاً الكلمة التي قالها لي الأستاذ بدر سنبل، وأنا أخبره بعدم رغبتي في مواصلة الكتابة، إذ قال لي حينها: يوماً ما يا سارة ستكوني أشهر كاتبة مقال، قالها بنبرة أثرت بي بشكل كبير، وحينما أغلقت سماعة الجوال، لم أكن أتخيل أن تغيرني عبارة سنبل، حيث تفرغت بعدها لمتابعة المقالات المتنوعة في شتى المجالات والمكتوبة باللغة العربية والإنجليزية، وكنت أقوم بقص المقالات التي تعجبني وقراءتها لأكثر من مرة، وأكاد أن أقول إنني خلال السنوات التي مضت كنت قد قرأت ما يقرب من خمسة عشر ألف مقال، وإنني الآن أستطيع أن أعطي رأيا صريحا وجازما في أي مقال. وأجمل ما أحمله الآن في ذاكرتي، أن مثل هذه التجارب جعلتني أعد نفسي بشكل جيد جداً لكتابة المقال مستقبلاً، وهو ما حدث الآن.
لكن لا تزال ذاكرتي تمتلئ بأشياء أضحك عليها، فأول مقال نشر لي في الوطن القطرية، شتمت بشكل لم أكن أتوقعه وكان المقال يتحدث عن اهتمام المرأة القطرية بخزانة عباءتها أكثر من شرائها لكتاب، وأيضاً أول مقال نشر لي في الوطن السعودية، والذي جاء بعنوان المبتعثون وقمصان بولو هوجمت فيه بشكل مقزز، ورغم أن المقال قد مر عليه أكثر من ستة أشهر لا يزال البعض يشتمني ويهاجمني.
عموماً، رمضان كريم.