باختصار: يريد الصديق العزيز، جميل الذيابي، رئيس تحرير صحيفة الحياة، في مقاله بالأمس تحذير سمو وزير التربية من الوقوع في براثن خندقين: خندق كتاب الرأي وهم يملؤون الورق بالتنظير والهرطقة، وخندق الاستماع إلى رجيع الوزارة ومستودعها الإداري وهم يأتونه زرافات ووحداناً بنظريات طوباوية فشلوا في تطبيقها على الواقع لخمسين سنة. هو يقول لسمو الوزير هرول إلى كوريا فلديها رأس خيط الحلول وبدء توصيف المشكلة. تقول معرفتي الشخصية الخاصة بالأمير خالد الفيصل أنه من القلائل جداً الذين عرفتهم في حياتي من أولئك الذين يفكرون خارج الصندوق وبأفكار وحلول مدهشة. ولكن كل ما أخشاه أن الصندوق الذي وضع فيه اليوم أعقد فهو مختوم بالمسامير الصلبة من الجهات الست. كوريا التي تتصدر منظومة الدنيا التربوية هذا الصباح هي ذاتها التي هرولت قبل ثلاثين سنة كي تتعرف على ملامح المتر الأخير من السباق، فماذا فعلت؟ أرسلت ثلاثين نابغةً كورياً لدراسة نظم التعليم في اليابان وبريطانيا وأميركا لعامين، حددت بعده باليوم والساعة موعداً لغداء عمل لعصف الأفكار. اكتشف الوفد الكوري في هذه الدول، أولاً، أن المدرسة مهمتها محو الأمية وتعليم الطفل القراءة والكتابة، وهذا ممكن في أول ثلاثة أعوام، وثانياً أن الطفل الكوري يدرس 12 مادة دراسية مقابل نصفها فقط في تلك الدول الثلاث. وحين أرسلت كوريا 30 نابغة إلى ثلاث دول، فنحن نقلنا مئات أضعاف هذا الوفد ولم نحصد سوى الكذبة، في ردهات وزارتي التعليم العالي والعام، 7000 حامل لدكتوراه التربية من كل دول الأرض ولكن: تتصدر كوريا منظومة الكون التربوية ونحن خارج القائمة المئوية. 90% من طلابنا في نهاية التعليم العام لا يعرفون الفارق بين المبتدأ والخبر أو الفاعل والمفعول، بعد 37 مادة متخصصة في مراحل التعليم العام. نكذب على أنفسنا بعد هذه التجربة الطويلة إن قلنا إن مناهج المدرسة تعلم الطالب حتى كيفية الصلاة، ومن المضحك المثير في دراسة تربوية حديثة أن 74% من طلاب مدارسنا يؤدون صلاة الظهر في مصلياتها بلا وضوء بعد 41 مقرراً في مواد الدين. 87% منهم لا يعرفون تسلسل الخلفاء الراشدين، و94% لا يعرفون أسماء أول ثلاث دول حكمت تاريخنا الإسلامي. وقبل الهرولة إلى كوريا: من يستطيع كسر أسوار هذه الكذبة الكبرى التي لم نستوعبها بعد خمسين سنة واستوعبتها كوريا في عامين ثم وصلت إلى رأس الكون ومازلنا في السابع بعد المئة؟