أبها: محمد مانع

'عقبتان' تعدان متنفسا لأهالي المنطقة.. وإيواء لا يستوعب 'المشتين' رجال أعمال يشتكون من عدم تقديم التسهيلات للاستثمار على الساحل

تكامل البرامج السياحية صيفاً وشتاءً في منطقة عسير، يسهم بشكل فاعل في تكوين سياحة مستدامة على مدار العام، وذلك ما تنشده الهيئة العامة للسياحة والآثار، وأهالي وزوار المنطقة، ولا سيما أن المنطقة تمتلك تنوعا تضاريسيا فريدا، فهي تحتضن الجبل والصحراء والساحل، ويتبع ذلك تنوع مناخي، يلبي حاجات السواح على مدار العام، إلا أن السياحة تعتمد بشكل رئيس على البنية التحتية في برامجها ومناشطها، وذلك ما تفتقر إليه المنطقة على مدار العام، وفي السياحة الشتوية على وجه الخصوص.
خدمات الطرق
تشكل الطرق العمود الفقري في منظومة العمل السياحي، وتعد همزة الوصل لتعريف الزائرين بكافة أرجاء المنطقة وأريافها ومواقعها السياحية الأثرية، إلا أن الطرق سواء كانت التابعة للأمانة أو لإدارة النقل لا تزال دون المستوى المطلوب ولم تعد قادرة على استيعاب الحركة المرورية، على مدار العام بشكل عام، وفي موسم الشتاء بشكل خاص.
ويشير المواطن إبراهيم عبدالله زين - من أهالي محايل عسير - إلى أن الاعتماد الكلي للتنقل بين مرتفعات عسير سواء من أبها أو خميس مشيط، إلى سواحلها البحرية، يمر عبر عقبات صعبة للغاية، ولم يتم تطويرها منذ عقود، وتشكل خطرا على سالكيها، ومن أبرزها عقبة ضلع، وعقبة شعار، وعقبة الصماء، وكذلك بعض العقبات الرابطة بين شمال عسير وتهامة بللسمر والمجاردة.
ولفت زين إلى أن عقبة شعار تعاني ازدحاما كثيفا، في أعداد المركبات العابرة، فضلا عن كثافة الشاحنات، وكثرة حوادثها، التي زادت الأمر سوءاً وخطرا، في حين تزداد المشكلة في إجازة نهاية الأسبوع، وموسم الشتاء على وجه التحديد، ويشكل الجزء الرابط بين أسفل العقبة ومحافظة محايل جزءا مهما من طريق عقبة شعار، إذ لا تزال غالبيته مفردة، ولم تتم ازدواجيته، وليس الحال أفضل في عقبة الصماء الرابطة بين السودة، وبين محافظة رجال ألمع، إذ تعد خطرة للغاية نظرا لضيق مسارها وتعرجاتها، وانحدارها الشديد، وقلما يمر يوم دون أن يشهد الطريق حادثا مروريا، في حين إن عقبة ضلع تعد أحد المحاور الرئيسة للنقل في المنطقة، ولم تشهد نقلة نوعية في مساراتها منذ كارثة السيول التي حدثت عام 1402، باستثناء بعض الإصلاحات البسيطة، وكثيرا ما يضعها موسم الشتاء على المحك، فلم تعد قادرة على استيعاب حركة العابرين، وتشهدا ازدحاماً كثيفاً تتركز حدته في موسم الشتاء، ونهاية الأسبوع، فضلا عن وقوع حوادث مرورية مروعة، وتساقط للصخور.
رافد اقتصادي
وأضاف زين: إن عقبة ضلع تمثل رافدا اقتصاديا قويا لأنها همزة وصل بين منطقتي عسير وجازان، وارتباطها كذلك بطريق الجمهورية اليمنية الدولي، حيث يعمل آلاف التجار والباعة على سلكها أسبوعيا لتسويق منتجاتهم في مدن المنطقة، لافتا إلى أن التوجهات بتحويل السياحة في منطقة عسير من سياحة موسمية إلى سياحة مستدامة على مدار العام تتطلب من القائمين على الطرق والنقل في بلادنا العمل على سرعة تحويل طريق عقبة ضلع إلى طريق مزدوج كرافد وبنية تحتية مهمة تجعل من انتقال المشتين من أعالي قمم مدن ومحافظات عسير إلى شواطئ البحر الأحمر عملية سهلة وممتعة، فضلا عن كونه إنعاشا للسياحة الداخلية، في حين إن عقبة ضلع تشهد تدفق آلاف المشتين بحلول نهاية إجازة الأسبوع وكذلك إجازة الحج ومنتصف العام الدراسي، مما يؤكد أن الحاجة قائمة وماسة لازدواج طريقها.
أما المواطن عبدالرحمن عسيري فأكد أن الزيادة المطردة في أعداد سكان منطقة عسير وزوارها أدت إلى زيادة وكثافة أعداد المركبات على طريق عقبتي شعار وضلع على مدار العام مما يتطلب إعادة النظر في وضع العقبتين الحالي والعمل على تحويل الطريق المفرد الحالي لكل منهما إلى مزدوج، يحقق تطلعات أهالي وآمال منطقة عسير بصفة خاصة وسالكي الطريقين بصفة خاصة، معدا أن تلك الخطوة في حال تحقيقها ستحدث نقلة نوعية في المنطقة.
حوادث
وأضاف عسيري: إن عقبتي ضلع وشعار تعدان المتنفس الوحيد لأهالي منطقة عسير لما تشهده من مقومات عدة خلال السياحة الشتوية، إلا أن وضع العقبتين بصورتهما الراهنة ورغم ما حدث من إصلاحات فيهما يحد من إقبال الناس عليهما، ونجدهم يضعون أيديهم على قلوبهم عند هطول الأمطار خوفا من مخاطر الطريق، ولفت بعض السائقين إلى أن ذاكرتهم لا تزال تحتفظ بالحوادث المأساوية التي تقع على طريق عقبتي شعار وضلع، إذ تزداد حدتها نهاية الأسبوع مما يتطلب الإسراع في ازدواجية كامل الطريقين.
ويؤكد المواطن محمد بن عبدالله آل فرحان - من أهالي خميس مشيط - أن جهودا بذلت لربط عسير بجازان وساحل البحر، ولا أحد ينكرها مقارنة بصعوبة المنطقة، إلا أنه من غير المنطقي أن تظل تلك الطرق كما هي على مدى ثلاثة عقود، دون أن تقوم الجهات المعنية بمواكبة الحركة المتزايدة في كثافة السكان والمركبات، وذلك بالعمل على ازدواج الطرق القائمة، وشق طرق رديفة مختصرة تسهل الانتقال من السراة إلى المناطق الساحلية لا سيما مع زيادة الطلب على السياحة الشتوية، بدليل أن عقبة شعار تم تنفيذها قبل قرابة 30 عاما، ولم تشهد خلال تلك الفترة أي تطوير أو تحسين، في حين إن طبقة الأسفلت الحالية غير جيدة، ويشهد الطريق كثافة في أعداد المركبات لا سيما الشاحنات التي باتت خطراً داهماً يواجه العابرين، وتفاقمت أوضاع الحوادث المرورية فبمجرد وقوع حادث مروري، يتم إغلاق الطريق عدة ساعات.
بدائل
واستغرب آل فرحان من عدم إيجاد بدائل أخرى للتنقل بين سراة عسير وساحل البحر، ولو كانت عن طريق الاستثمار، مثل القطارات والمترو، فالقطاع الخاص كفيل بتشغيل وإدارة عربات تربط بين قطبي منطقة عسير، وتسهم في إنعاش السياحة المستدامة، وزيادة النشاط الاقتصادي، إذ إن الوضع الحالي لمرتادي ساحل البحر الأحمر يتطلب قطع مسافات طويلة في طرق مفردة، كان من الممكن اختصارها، وتطويرها.
مشكلات السكن
بحلول موسم الشتاء تشهد مشاتي المنطقة، وتحديدا الدرب والحريضة والقحمة والشقيق ومحايل والبرك كثافة في إعداد المشتين، ويشير المواطن هادي بن سعيد إلى أن الوحدات السكنية المعروضة للإيجار تتمثل في شقق مفروشة وأغلبها توجد بها مسابح، وكذلك الشاليهات المباشرة للبحر أو القريبة منه، ولفت إلى أن الأسعار تراوحت لليلة الواحدة ما بين 400 ريال إلى 1000 ريال. وأضاف أن موسم الشتاء يتميز بكثرة أعداد المشتين وسيستمر خلال الفترة القادمة لا سيما وأن موسم البرد عادة يكون طويلا في مرتفعات عسير وقد يمتد إلى أربعة أشهر، مما يتطلب من الجهات المعنية والقطاع الخاص إنشاء المزيد من الوحدات السكنية التي تناسب كافة الشرائح وبمواصفات راقية، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون الأسعار مناسبة وفي متناول الجميع.
وأكد سعيد أن هناك وحدات سكنية مبالغ للغاية في أسعارها ولا تتناسب تلك الأسعار مع نظافتها وجودتها، مؤكدا على ضرورة قيام القطاع الخاص بدور أكبر في المنطقة لا سيما القريبة من شاطئ البحر، وذلك بإحداث مدن متكاملة تشتمل على وحدات سكنية راقية ومدن ترفيهية ومطاعم جيدة وبما يعمل على إنعاش السياحة صيفا وشتاء بمنطقة عسير، لافتا إلى ضرورة أن تسبق ذلك بنية تحتية متكاملة تتمثل في طرق واسعة مزدوجة والعمل على توفير كافة الخدمات الأساسية.
تطوير السواحل
ويؤكد رجل الأعمال عبدالوهاب القحطاني، عدم تقديم تسهيلات لرجال الأعمال للاستثمار في قطاع ساحل عسير، لا سيما أن المنطقة تمتلك ساحلا بكرا وطويلا، مؤكدا على ضرورة قيام مدن ترفيهية، ومنتجعات سكنية، بدرجات مختلفة لتلبي احتياج كافة شرائح المجتمع، وكذلك العمل على إيجاد ملاعب ومماش، ومطاعم راقية، بمواصفات عالمية، والاستفادة من خبرات الدول في ذلك المجال، معداً أن الوضع السياحي الحالي في المناطق الساحلية، يتمثل في وحدات سكنية مبعثرة، ومعظمها غير نظيف، ومبالغ في أسعاره، إضافة إلى عدم وجود مدن حديثة، تضم أسواقاً راقية.
وأضاف القحطاني، أن الحاجة قائمة إلى تكثيف الترويج لمنطقة عسير سياحيا، لا سيما في القطاع الساحلي، ودعوة رجال الأعمال والمستثمرين إلى الاستثمار بها، وتقديم كافة التسهيلات لهم، وصولاً إلى استثمار فاعل.
تدني النظافة
كشفت تقارير حديثة تم تداولها الأسبوع الماضي، بين أمانة منطقة عسير والمجلس البلدي، وجهات رقابية أخرى، عن تدني مستوى النظافة في مطاعم عقبة ضلع ومربة، وبعض المواقع في الساحلية تزامنا مع كثافة مرتاديها خلال موسم الشتاء، وسط انتقادات بضعف الرقابة وقلة الجولات التفتيشية، وأكدت التقارير أن الجولات التي تقوم بها الأمانة غير كافية، بدليل استمرار بعض المطاعم في تقديم خدماته للزبائن، رغم رصد ملحوظات عليها، مما يستدعي الأمر فرض رقابة مكثفة، وتطبيق الغرامات بحق المحلات المخالفة، وإغلاقها إذا استدعت الحاجة.
وشملت المخالفات المرصودة، تدني مستوى النظافة في مواقع الطبخ، وعدم وجود شهادات صحية لدى بعض العمالة، وعدم ارتداء بعضهم للقفازات وسترة الرأس، وإعادة تقديم أطعمة سبق تقديمها، وعدم صلاحية بعض الأطعمة لا سيما اللحوم، وعدم نظافة أماكن جلوس الزبائن، وعدم مطابقة عدد من المطاعم للمواصفات والاشتراطات الصحية.
وتزامنت التقارير مع توصيات المجلس البلدي في أبها قبل قرابة عشرة أيام، بضرورة قيام الأمانة بتكثيف الرقابة على مطاعم وأسواق عقبة ضلع، في حين أوضح مدير الرقابة الشاملة بأمانة عسير على سعيد، أن فرقة تضم كوادر من الأمانة والجهات الأمنية قامت بإغلاق عدد من المطاعم في ضلع، وكذلك بعض الأسواق، خلال الفترة الماضية، إضافة إلى إزالة البسطات المخالفة.
ضعف المهرجانات
وفي ذات السياق، كشف خبير التسويق عضو المركز العربي للإعلام السياحي خالد آل دغيم، أن الدول السياحية المتقدمة تنفرد بإقامة المهرجانات المتخصصة التي تحظى بإقبال جماهيرى كبير، على اعتبار أن المهرجانات من أهم وسائل الجذب السياحي والإعلامي، عطفا على مردودها الاقتصادي، ومن أهمها مهرجانات الترفية والتسوق والرياضة والاكتشاف والمأكولات والصحاري والبحار والمنتجات الزراعية والمقومات الطبيعية والتراثية، وأشار آل دغيم إلى أن من أسباب نجاح تلك المهرجانات، أن إدارتها تتم عن طريق كوادر مدربة ومؤهلة، في حين إن أقوى المهرجانات تلك التي تمتاز بالعروض الحصرية، وتلفت أنظار السائحين، وتساعد على قضاء وقت ممتع ومسلٍّ. وأضاف أن الواقع للمهرجانات الداخلية سواء الصيفية أو الشتوية يشير إلى غياب الكفاءات التي تديرها في حين تشتد الحاجة إلى عقد ورش عمل لتدريب العاملين بها، ومن ثم الدفع بهم إلى سوق مهم يتجاوز رأس ماله سبعة مليارات حسب الإحصائية الأخيرة لمركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس)، وبما يعمل على تعزيز ثقة القطاع الخاص في المهرجانات التي ابتعد عنها أو يشارك بها على استحياء، وعن مقارنة مهرجاناتنا المحلية بالمهرجانات في الدول المجاورة قال آل دغيم: تتشابه في الاسم وتختلف في المضمون والمتعة، والحكم في ذلك للسائح.
مساع لسياحة مستدامة
وفي إطار الجهود المبذولة لجعل عسير وجهة سياحية رئيسة على مدار العام دشنت الهيئة العامة للسياحة والآثار مطلع ديسمبر الماضي مبادرة عسير وجهة سياحية رئيسة طوال العام، بحضور أمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد، والرئيس العام لهيئة السياحة الأمير سلطان بن سلمان، وتضمن العرض الخطوات الأساسية للمبادرة كإعداد الخطة التنفيذية الشاملة لها ومدة المبادرة وتنفيذها وعناصر الخطة الشاملة عبر تقييم ومراجعة استراتيجية التنمية السياحية بالمنطقة والأهداف والاعتبارات الأساسية والرؤية والأهداف الاستراتيجية وعرض مفاهيم التنمية المستدامة وتقييم تطبيق المبادئ العامة للتنمية السياحية المستدامة والتقييم العام لمدى الاستفادة من الموارد السياحية وتقييم تطوير المواقع السياحية ومرافق الإيواء والخدمات السياحية والمهرجانات والفعاليات والتعامل مع تحليل Swat للمنطقة، وتقييم المنجز في استراتيجية وأدوات وأساليب التسويق ومدى تطبيق رؤية السياحة في عسير، والتعامل مع الاعتبارات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية وتطبيق المخطط الهيكلي للسياحة بالمنطقة، وانعكاسات مراجعة الاستراتيجية على مبادرة الاستدامة والعوائق والمشكلات المتعلقة بتنفيذ الاستراتيجية.
وتضمنت المبادرة بحسب العرض ثلاث خطط لتنفيذها، وهي الخطة الآنية للمبادرة 2014، والخطة المتوسطة 2015، والخطة طويلة الأجل ما بعد 2015.