أتاح حفل توزيع جائزة أبها لهذا العام 1435 الذي أقيم نهاية الأسبوع المنصرم والفعاليات المصاحبة له، فرصة جيدة، لكي تكون هناك مراجعة شفافة لواقع الجوائز الثقافية في المملكة، وهو ما ظهر جليا في حلقة النقاش التي أقيمت في اليوم التالي لحفل الافتتاح تحت عنوان الجوائز الثقافية.. بين الواقع والمأمول، بمشاركة أسماء مهمة لها علاقة مباشرة بالجوائز الثقافية في فترات سابقة (وربما حاليا)، مثل: الأديب حمد القاضي، والدكتور عثمان الصيني، والدكتور عبدالله السلمي، إضافة إلى المداخلين الذين أثروا الحوار حول الجوائز، ولاحظ الجميع طرحا قويا وشفافا لم ينح منحى المجاملات التي نراها في بعض الفعاليات المشابهة.
وللحق فإن جائزة أبها وخصوصا فرعها الثقافي، شهد هذا العام تطورا ملموسا في جانب عدد المشاركات اللافت، ودخول أسماء معروفة في حلبة السابق على الجوائز في الشعر والقصة والرواية والفنون المختلفة، والأهم من هذا، أن الفائزين أسماء اتفق الكثيرون على أهميتها واستحقاقها للجائزة، وهذا ما لاحظته بشكل عام من ردود فعل بعد إعلان أسماء الفائزين في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف، وبالطبع هي مؤشر جيد، خصوصا، إذا أتت الآراء من أدباء ونقاد عرفوا بقوة وشفافية طرحهم. وقد توقع العديد ممن قرؤوا الأعمال الفائزة، أن تكون جائزة أبها انطلاقة مهمة لهؤلاء الأدباء الشباب، ودافعا لقراءات نقدية جادة لأعمالهم خلال الفترة القليلة المقبلة. وإضافة إلى الندوة الحوارية، قدم نادي أبها مشروعه اقرأ الذي يتلخص في ركن لأحدث إصدارات النادي صمم على شكل كلمة: اقرأ الذي وضع في بهو الفندق، وحظي بإشادات كثيرة من الحضور، خصوصا أن مسؤولي النادي أكدوا أنه سيتم تعميمه قريبا على بعض الأماكن العامة مثل المطار.
بقي أن نقول إن جائزة أبها تحتاج إلى إيجاد مصدر مالي كبير وثابت مثل وقف عقاري أو ما شابهه، لكي تعود لوهجها الذي كانت عليه قبل أكثر من ربع قرن، وتكون الملتقى الثقافي الأضخم في المملكة الذي يجتمع فيه كبار الأدباء والمثقفين في المملكة، فمن الملاحظ أن هناك غيابا واضحا عن فعاليات الجائزة لأدباء مهمين من داخل وخارج منطقة عسير، ولن يحفزهم على الحضور إلا تطور نوعي في مفهوم الاحتفاء بالجائزة، بحيث يكون الهدف هو تنظيم ملتقى ثقافي أشمل من حفل توزيع الجوائز. والجميع يعلم أن كل هذه الأحلام لن تصبح حقيقة إلا بتوفر المال الكافي والثابت، ولو أخذنا الأمر بموضوعية، فإن توفير وقف للجائزة تشترك فيه أمانة الجائزة ورجال أعمال من المنطقة لن يكون صعبا. لكن المهم أن تكون هناك إرادة جادة وصادقة، حتى تستمر جائزة أبها منارة ثقافية وطنية.