مسرحية انتخاب أسد الورق لفترة رئاسية ثالثة، هي مجرد دعم لتكريس انتشار ثقافة التطرف ورسالة للإنسان السوري أن ينسى أن هناك مجلس الأمن والأمم متحدة وأكاذيب المحافظة على السلام العالمي، ولذا عليه أن يعتمد على نفسه فقط
المشهد الساخر للانتخابات في سورية يمثل حالة من الفشل السياسي العربي تجاه إنهاء معاناة الإنسان السوري، الذي يتعرض للقتل والتشريد على يد نظام دموي.
لم يكن التعاطي العربي الرسمي مع القضية السورية بحجم تطلعات العرب السوريين، بدم بادر قتل نظام بشار الأسد القمعي مئات الآلاف من السوريين، شرد الملايين، ثم ها هو بمساعدة العالم المتحضر أميركا وأوروبا، إضافة إلى روسيا والصين يفوز برئاسة ثالثة في انتخابات لا تعدو أنها مسرحية هزيلة.
المحيط العربي لم يكن يعي مخططات إيران في المنطقة، وها هي الدول الكبرى إرضاء لإيران مازالت لا تريد التدخل العسكري وتدمير مفاصل قوى النظام الدموي في ضربة خاطفة كانت مقررة.
وزير الدفاع الأميركي قبل عام تقريبا أعد خطة لمهاجمة نظام بشار ودعم المعارضة، ولكن البيت الأبيض عطل التحرك بهذا الاتجاه بإحالة الملف إلى الكونجرس، سياسيا هذا يعني أن الرئيس الأميركي يرغب في تجميد هذا الملف، أو على أقل تقدير لا تهمه القضية برمتها رغم الحالة الإنسانية.
تم انتخاب أسد الورق للمرة الثالثة، بفضل الصمت العربي الرسمي المريب، عدا تصريحات خجولة هنا وهناك.
تلك الانتخابات تعني شيئا واحدا، أن الدولة العبرية أو قيادات إسرائيل لا تزال تبحث عن بديل، وحتى اللحظة لم يجدوا أكثر من بشار ونظامه عمالة وخدمة لأهدافهم. الإنسان السوري ينظر باستغراب كبير لعدم تدخل الدول العربية بجدية أكبر لإيقاف نزيف الدم السوري وتشريد النازحين يوميا بالآلاف. انتخابات تم تنظيمها على أنغام الحرب الأهلية وجثث القتلى.
جامعة الدول العربية التي لم تنته بعد من لملمة خلافاتها الداخلية، لم تفلح في منح مقعد سورية لأي من تكتلات المعارضة أثناء القمة في الكويت. برأيي أن الدول الكبرى لا تهتم كثيرا لحياة الإنسان السوري أو استقراره، ولن تهتم حتى لو تحول كل السوريين إلى قتلى أو جرحى أو مفقودين منكوبين، إنهاء الصراع مرتبط بالبحث عن بديل مناسب وحسب المواصفات الإسرائيلية، وبغير هذا لن تكون هناك حلول جدية يطرحها السياسيون الغربيون.
سمح العالم الحر بانتخابات أشبه ما تكون بنكته سخيفة في وقت لم تلتزم كبريات عواصم العالم التي تدعي التحضر بدورها الإنساني والقيمي لوقف المجزرة اليومية.
إيران بعد الزيارة لتركيا والتنسيق المريب بينهما تحاول إرسال رسائل التودد والتطمين للعالم الإسلامي بدور المصلح، وهي بعينها الدولة التي تقاتل ميليشياتها ضد الثائر السوري جنبا إلى جنب مع جيش بشار.
أسد الورق هذا لن تستطيع روسيا مساعدته أكثر من ذلك، وربما تكون الانتخابات الصورية الدموية هي نهاية المطاف. الوضع يزداد سوء وتعقيدا وكثير من المنظمات الإرهابية بدأت الدخول في هذا الصراع كحزب اللات والقاعدة وفيلق بدر والشبيحة والداعشيون.. إلخ المسميات الظلامية.
كنت أرجو أن تتدخل الجيوش العربية من الأيام الأولى للأزمة، ويتم تفعيل دور الجامعة العربية؛ كي تكون خط الدفاع رقم واحد عن مستقبل استقرار العربي، في أية جغرافيا عربية.
تمكين نظام بشار من تسويق انتخابات بطعم الدماء ورائحة الموت كان دليلا واضحا أن القوى الكبرى حولت العالم إلى غابة حقيقية، وانتصارا لقيم الشر على الخير وغيابا لثقافة حقوق الإنسان التي طالما تغنى بها الغرب. فهم السوريون الدرس جيدا، وهو أن نيرون العار سيظل يحرق روما ما لم يستطع الإنسان السوري فقط وحده دون مساعدة من أحد في نزع عود الثقاب.
أصبحت الزعامات العربية تلعب دور المتفرج بامتياز، ولم تستطع حتى الدفع باتجاه تسوية سياسية جدية. روسيا والصين ما تزالان تنظران إلى الأزمة السورية على أنها فرصة لاستعراض العضلات أمام أميركا والغرب، والقيام ببعض المشاكسات في ظل عدم وجود رغبة حقيقية في التدخل من قبلهم.
تبادل الزيارات من وإلى طهران، يعطي إشارات إلى بداية فصل جديد ومختلف لهذه البشاعة الدولية تجاه الإنسان السوري، والتآمر على إطالة أمد معاناته.
مسرحية انتخاب أسد الورق لفترة رئاسية ثالثة، هي مجرد دعم لتكريس انتشار ثقافة التطرف، ورسالة للإنسان السوري أن ينسى أن هناك مجلس الأمن، والأمم متحدة وأكاذيب المحافظة على السلام العالمي، ولذا عليه أن يعتمد على نفسه فقط، فإن تلك القوى التي تقاتل النظام على الأراضي السورية ويصفها الغرب بالإرهابية، ربما تكون أكثر إنسانية من الأمم المتحدة، وأصدق رغبة في مساعدة الإنسان السوري.
أيها الصامدون في بلاد الشام، إنما النصر صبر ساعة وكأني أرى أسد الورق في أحد العيدين بإذن الله في قبضة ثوار سورية لينال جزاءه. النصر قريب ودائما ما تنتصر قيم الحرية والثورة والصدق.