تلقيت - قبل أيام - رسالة من إحدى خريجات العلوم الصحية السعوديات مفادها: فضلا لا أمرا، نود منك نحن خريجات الدبلومات الصحية قسم النساء والتوليد علوم القبالة بكليات العلوم الصحية الحكومية، حاملات الشهادة الجامعية المتوسطة بمعدل دبلوم ثلاث سنوات ونصف الكتابة عن قضيتنا التي سببت لنا الكثير من المعاناة في ظل مماطلة وتهميش المسؤولين لنا لأكثر من خمس سنوات ونطالب بالمساواة، فالأجانب يسيطرون على مستشفياتنا الحكومية، وبنات الوطن عاطلات، رغم أننا نملك نفس الشهادة.
يبدو أن مسلسل استفزاز خريجي المعاهد الصحية ما زال مستمراً؛ فبعد أن درست مجموعة من الطالبات تخصص علوم القبالة، وتخرجن بعد كفاح وتعب، صُدمن بأن تعيينهن لن يكون مباشرا أسوة بغيرهن، بل عن طريق التقديم على برنامج جدارة، غير أن الطامة الكبرى التي نزلت كالصاعقة على أولئك الخريجات هي أن تخصصهن، لا وجود له ضمن خيارات الوظيفة في الخدمة المدنية!
حقا إنها كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ـ تتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى ثلاث جهات حكومية هي: وزارة الصحة، ووزارة الخدمة المدنية، ووزارة المالية، وتتحملها بالدرجة الثانية الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كونها لم تبادر بالتحقيق سريعا مع الجهات الحكومية الثلاث المسؤولة عن هذه الكارثة بحق الوطن وبناته، وذلك بموجب المواد المنصوص عليها في تأسيس هيئة مكافحة الفساد ومنها المادة (1)، في الفقرة الرابعة التي تنص على أن مهامها الرئيسة: الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، جميع الجهات العامة في الدولة بلا استثناء، وكذلك المادة (3)، الفقرة الرابعة والتي تنص: العمل على تحقيق الأهداف الواردة في الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، ومتابعة تنفيذها مع الجهات المعنية، ورصد نتائجها وتقويمها ومراجعتها، ووضع برامج عملها وآليات تطبيقها.
إنه أمر يدعو للاستغراب: جهة حكومية بحجم وزارة الصحة تصفع خريجاتها السعوديات خبز يدها اللواتي تجاوزت معاناتهن خمس سنوات عجاف، باستقدام الآلاف من الخارج للعمل في التخصصات ذاتها التي هن مؤهلات لها!
لماذا المماطلة في تعيين هؤلاء الخريجات؟ يبدو أن وزارة الصحة، ووزارة الخدمة المدنية، غير مقتنعتين بمؤهلات خريجات كليات العلوم الصحية الحكومية، ولذلك كان شرط التعيين على الوظيفة مرتبطا بشهادة جامعية بكالوريوس مع سنة امتياز، ولكن هذا الشرط لم يسفر عنه تنسيق مع الجامعات في فتح برامج تجسير لإكمال الدراسة من الدبلوم إلى البكالوريوس، وهنا حري بوزارة الصحة أن تصارحنا هذه المرة بكل شفافية وليس كما عودتنا بتصريحاتها المتكررة التي لم تعد توجد لها معدة تهضمها هي وعبارتها المملة: الوزارة لن تساوم على مستوى كوادرها الطبية!
السؤال: لماذا لم يخضع عشرات الآلاف من الوافدين والوافدات للمسطرة ذاتها؟ لماذا يجد الأجنبي عملا في ديارنا وأبناء الوطن لا يجدون؟
وهنا أقولها بكل صراحة: على وزارة الصحة، ووزارة الخدمة المدنية، ووزارة المالية، الكف عن تقاذف الكرة فيما بينهما، وأن تتحمل هذه الجهات تقصيرها الصريح في معالجة أوضاع هؤلاء الخريجات، وأن تسارع في توظيفهن وأن تتحمل تكلفة رواتبهن بأثر رجعي منذ تاريخ تعيينهن المفترض.
أخيرا أقول: خريجات الدبلومات الصحية بحاجة ماسة لحلول لمشكلاتهن بدلا من تركهن عاطلات على قائمة الانتظار لأجل غير مسمى.