(1)
مسيرته الإعلامية التي يراها طويلة، ونراها أقصر من عمر الجرادة، لا تتجاوز الاستقبال؛ استقبال أخبار العلاقات العامة على الفاكس، واستقبال الإعلانات الفردية على الباب، وبالرغم من ذلك، تجده يمارس النقد والتنظير الأجوفين، بل ويحكم على مستويات الكتاب الكبار، والصحفيين المتميزين، والصحف التي لا يصلح لها أمثاله، وكأنه خبير دولي في الإعلام والاتصال، بينما هو لم ير طيلة حياته شيئا أبعد من أنفه، ولم يعرف أكثر من طريقة وضع اسمه على خبر جاهز، أو تحرير سند استلام.
(2)
صناعة الاحتقان، لعبة سياسية قذرة، وغير أخلاقية، ولا وطنية، تمارسها أحزاب المعارضة في كل جهات الدنيا، وهدفها على الدوام إسقاط الأنظمة القائمة، أو تفتيت البلاد إن كانت المعارضة انفصالية، وتكون هذه اللعبة أكثر قذارة عندما تقوم على المفضلات لدى الشعوب، ثم تتضاعف أسباب القذارة حينما تقوم على المقدسات؛ أي استخدام المقدس نفسه في التأجيج وصناعة الاحتقان عبر استراتيجية طويلة، لها فروع كثيرة، وأذرع أكثر من أذرع أخطبوطات العالم كلها، حتى إن العدو المستهدف بالإسقاط نفسه، يمكن أن يكون ذراعا، دون أن يعي.. لو حاولنا إعادة قراءة الكثير من الأقوال، والأحداث، والتصرفات والاحتسابات، والإنكارات، ومنع المهرجانات، والتضييق على الابتسامات وأهلها، وحتى بعض المشروعات، وتصرفات بعض المسؤولين الخدميين، من خلال فكرة صناعة الاحتقان، لأبصرنا المستقبل وكأنه بين أيدينا.. حفظ الله وطننا.
(3)
في فناء الدار كانت عرعرة.. شطر بيت أردده منذ أكثر من خمس سنوات، ولم يتيسر لي عجزه، أو صدر الذي يليه حتى الآن، فهل يكون ألم الفقد حائلا دون القول الشعري؟.. لم أعد أدري، ولم أعد أدرك سوى وجود الفقد، الذي فقدنا بسببه الظل الظليل، والحب، والجمال، وفقدنا به ثالثة أثافي: الماء، والخضرة، والوجه الحسن.
(4)
من القواعد الثابتة التي تعلمناها في عصر الإنترنت، أنه إذا رد أحدهم، أو بعضهم، أو كلهم، على مقال ما، بعشرة أضعاف عدد كلمات المقال الأصل، فاعلم أن المقال قد أصابه، أو أصابهم، في مقتل، وأنه، أو أنهم مريب يكاد يقول خذوني.. فهل نستوعب الحملات المنظمة تنظيما يشبه السعار، للرد على مقولة ما، أو مقالة ما، وندرك أنها جزء مما أُشير إليه في المقال رقم (2).
(5)
من يعتمد في نشر أفكاره، وفي تحقيق أهدافه، على تأجيج الأتباع، يستفيد من تقسيم الناس إلى قسمين: أحدهما؛ هو والمنتمون إلى تياره، والآخر؛ كل من اختلف معه سرا أو جهرا، فهل نعي أسباب المصنفين وأهدافهم، وندرك أيضا أنها جزء مما أُشير إليه في المقال رقم (2).
(6)
أتمنى على شاتمي كاتب هذه المقالات، إيجاد ألفاظ وقوالب لغوية جديدة، علنا نوجد معجما شتائميا مزيدا ومنقحا، يختلف عما اعتدناه منذ نصف قرن.. ابتكروا ـ حفظكم الله – ابتكروا ولو لم يبتكر أسيادكم.. فـالاستقلال الفردي محمود.. ولا تربطوا هذا بالمقال رقم (2).