كم هو مربك للجمهور أن يغيّر الصورة التي ارتسمت في مخيلته عن فنّان ما أدّى دوراً هاماً وإيجابياً في أحد المسلسلات، وكم هو إجحاف وظلم من الممثل بحق نفسه حين يقبل بدور تتحوّل فيه الشخصية القوية الجادة

كم هو مربك للجمهور أن يغيّر الصورة التي ارتسمت في مخيلته عن فنّان ما أدّى دوراً هاماً وإيجابياً في أحد المسلسلات، وكم هو إجحاف وظلم من الممثل بحق نفسه حين يقبل بدور تتحوّل فيه الشخصية القوية الجادة والصارمة التي أدّاها إلى شخصية مغايرة من حيث الأداء وهبوط الحوار.
الكلام السابق ينطبق على أكثر من ممثل قدموا أدوارا أضعفت صورتهم الجماهيرية في مسلسلات عرضت خلال رمضان الذي ودعناه منذ أيام، وكانوا قد قدموا شخصيات اكتسب بعضها شعبية جارفة وقت عرضها.. فمن الخلل أن نتصور باسم ياخور الذي أدى من قبل دور القائد الفاتح خالد بن الوليد يمثل دورا هامشياً لأحد أزواج غادة عبدالرازق بلهجة غريبة عليه في مسلسل زهرة وأزواجها الخمسة. والمسلسل ذاته حلّله الممثل الداعية حسن يوسف وشارك فيه بدور أحد الأزواج، ليمسح صورة الداعية صاحب الأدوار الدينية.. مرسلا إشارات لطمأنة الجمهور بأن فكرة العمل الذي يشارك فيه لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية.
ومن غير اللائق أيضاً بـعقيد حارة الضبع أن يتقمّص شخصيةً يعتقد أنها كوميدية فيصبح سائقاً لتاكسي أجرة يحاول بسماجة أن يجعل المشاهدين يضحكون، متناسياً أن هذا الزمن ليس زمن المسلسلات التي تُصنع بمفارقات مصطنعة ومفتعلة لم تعد تغري المتلقين، وأيام حبْك الأحداث على شاكلة صح النوم وحمام الهنا ولّت ولن تعود. وفوق هذا يبدو أنه اكتشف متأخراً أنه يستطيع الغناء.. فأُعجب بصوته وصار الناس مجبرين على سماعه يغني في الحلقات كلها. ترافقه أحياناً جوقة من الكومبارسات يقودها أيمن رضا.. والكل يصيح ويصرخ فلا تكاد تفهم شيئاً سوى أنّ من أعدوا مسلسل أبو جانتي اعتقدوا أنهم يصورون مسلسلا كوميدياً.. ولكن شتان بين الكوميديا وبين ما يقدمون.
يفترض بأي ممثل أن يقدّر جمهوره ويقدّر تاريخه الفني، فلا يمسح الصورة الرائعة التي انطبعت لدى الناس نتيجة بطولة ما أدّاها، فذاكرة الشعوب تختزن ما تحبّ.. ومن الجميل أن يرسخ المبدعون في تاريخها بأعمالهم التي لا يهبطون بها إلى مستويات غير مقبولة.