لدينا شح غريب في لغة الأرقام، على الرغم من أنها لغة العصر القادرة على التأثير والإقناع.
لا يوجد لدينا إحصاءات معلنة دقيقة من كل منطقة تتعلق بالأمراض وأماكن انتشارها.
الأورام على وجه التحديد، ليست هناك إحصاءات معلنة دقيقة مُحدّثة من السجل الوطني للأورام.. وهذا التجاهل للغة الأرقام ربما كان أحد أسباب انتشارها، تماما كما هي حالتنا مع كورونا ـ مع اختلاف القياس ـ خذ عند مرض سرطان القولون.. خلال افتتاح المعرض التوعوي لسرطان القولون والمستقيم الذي نظمته جمعية السرطان السعودية بالمنطقة الشرقية، تم الكشف عن ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في السعودية تحت 50 عاما، والخطورة في الأمر أن الحالات تضاعفت في السعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى 3 مرات، بينما قابل الرقم انخفاض عالمي في عدد الإصابات!.
لاحظ أن لغة الأرقام الدقيقة غائبة.. والحديث خاضع للاجتهادات.. وقبل هذا المؤتمر كانت وكالات الأنباء نقلت مخاوف أطباء جراحة القولون والمستقيم في المملكة العربية السعودية، من ارتفاع معدل الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عند الرجال السعوديين.. طبعا الكلام كان دون أرقام واضحة!
يفترض أن يطلع الناس على الأرقام التي تعنى بحياتهم أولا بأول. عندما يتم استخدام لغة الأرقام، يتولى كل إنسان مسؤوليته ويشعر بأنه جزء من الحل.. لا جزء من المشكلة.. كل أجهزة الدولة محوسبة، وتقوم على نظام تقني إلكتروني دقيق، وبالتالي لا تعدّ مسألة الكشف عن أي رقم قضية بالغة التعقيد.. التقنية توفر لنا الأمر بيسر وسهولة. فكّر معي: الأجهزة التي تستطيع الكشف عن كمية المخدرات وعدد الجماهير الرياضية وعدد الركاب وعدد المخالفين وعدد الطلبة والمسافرين والمواليد والموتى وغيرها.. أليست قادرة على الكشف عن الأرقام المتعلقة بالوضع الصحي للبلد بشكل دقيق؛ حتى يسهل مواجهة بعض هذه الأمراض والحد من خطورتها؟!