النرجسية أسطورة يونانية قديمة لشاب أغرقه في البحيرة افتتانه بنفسه.. يبسطها المتداولون لتعريفها في فضاء الشبكات الاجتماعية بأنها تجسد الأنانية والإفراط في حب الذات وتعظيمها بغرور وتعال.. وهي من الأمراض النفسية التي تتطلب العلاج.
النرجسي يرى أنه الأفضل والأذكى، وأن الآخرين أقل منه، وقد يسخر من الآخر ويحط من قيمته وقدره.. يهتم بنفسه وتفاصيله بهوس ويعنيه كيف يثير الإعجاب.. ويستفزه التجاهل.. يغضبه توجيه النقد له، يريد سماع المديح والثناء.. أنصع النماذج للإسقاط عليها توجد في دولة تويتر، وسيكون الحظر مصير المختلف مع الشخصيات النرجسية.. كم أفرزت لنا هذه الشبكة وغيرها عينات كفتنا الاستطلاعات والدراسات.. فالعين ترى وضمير المغرد الوطني يسجل ويدون حقائقهم، والعالم الافتراضي أخرج لنا أسوأ ما فيهم.
منهم أكاديميون يقدمون أنفسهم دعاة، بعضهم مشاهير يخلطون عملهم الأكاديمي بدعوتهم الأشبه بالمهزلة.. ومنهم نخب تخلق صداعا مزمنا بحديثها عن الاقتصاد ومخاطره.. مع عقد المقارنات لرفع نسبة الاستياء.. وتداول التنمية رغم تباين نجاحات خططها على أنها الفشل المزمن المراكم.. أما الفساد والظواهر الاجتماعية فهم لايعدون أنفسهم جزءا منها، بحكم أنهم فوق المجتمع وأفضل من جميع شرائحه وطبقاته، وبولاء ووفاء يسجلون تواجدا مكثفا وطاغيا ومبهرا ويحمل سمات التجلي إذا تجمعت سياط الجلد، وحفلات التذمر والنقد والتضخيم والتهويل لحدث أو مناسبة عادية.. ويختفون إذا حان وقت التكافل والمشاركة الوطنية، يصيبهم خرس نخبوي نرجسي يستحق التأمل.
والسؤال: أليس الخطر يعم وسيطالهم، هل ذكاؤهم الوطني والقومي متدن.. أم أنهم ضالعون، فيسكتون بناء على قاعدة كاد المريب أن يقول خذوني.. هل سمعتم على مستوى العالم بوجود حياد إذا طال التهديد الداخلي والخارجي الأمن الوطني أم أنهم جزء من التهديد؟ لنستنتج أن الخيانة الوطنية..تكمن في حياد المحايدين من النخبة.. شخصيات تعتقد أنها مميزة كاتب أو كاتبة، مغرد مشهور، مبدع في مجال من المجالات.. منهم من يصرخ بين الفينة والأخرى رافضا المزايدة على وطنيته المزعومة وأنه يتذمر ويذكر السلبيات، وهذه هي ترجمة الوطنية من وجهة نظره.. من العقوق الوطني واللؤم التحدث عن المحتاجين في أنحاء العالم أو الكتابة عن أسخف ما في الشرق والغرب، وفي الخطوب التي تهز المجتمع والشبكات الاجتماعية لا يجودون بحرف.. أحيانا تأتي تعليقاتهم على ندرتها مشبوهة وملبدة بالتشفي.!
الحسابات المتخصصة بأنواعها، هل يعفيها التخصص في التقنية أو أن يكون حسابا استثماريا مثلا من أداء الواجب الوطني؟ وعندما لا يلتزمون بما تعاقد عليه أبناء الوطن، كيف يحترم المجتمع سلبيتهم أثناء تعرض الوطن للخطوب؟ إن إعلان التضامن وإبراز الوطنية والولاء في زمن الكرب العربي واجب وليس خيارا أو منةً من أحد.