لم يكن الزمن بعيدا، عندما كان ينقل ما تبقى من مباراة كرة القدم على القناة السعودية الثانية بسبب نشرة الأخبار في القناة الأولى، وهو الزمن نفسه الذي كان يتصل فيه أهل القرى بمن يقطنون المدن الرئيسية لمعرفة نتيجة المباريات؛ لأنهم لا يحظون بخدمة القناة الثانية، أما اليوم وبعد سباق الفضائيات فنحن أمام أجهزة متخصصة فقط في نقل دهاليز كرة القدم والطائرة والسلة واليد والسباحة ومن كل مكان، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، بل أصبح الفضاء يمتلئ بالقنوات العامة والمتخصصة في مجالات مختلفة.
القنوات الإخبارية المعنية بنقل الأحداث على مدار الساعة والقليل من البرامج الحوارية، ذهبت إلى إنشاء قنوات إخبارية مماثلة بهدف توسيع دائرة تغطياتها، ومن تلك القنوات، قناة مباشر التابعة لشبكة الجزيرة، وقناة الحدث التابعة لقناة العربية، وبحسب اسميهما وواقعهما فإنهما تعتمدان على النقل الحي واللقاءات والاتصالات المباشرة مع الضيوف والجمهور، بتركيز على الأحداث في الوطن العربي على صعيد السلطة والمواطن وما بينهما من حقوق وواجبات، ولكن هل حققت هاتان القناتان غاية المشاهد العربي تفسيرا وتحليلا؟ وقدمتا إنتاجا احترافيا يبرزهما عن القناتين الأم؟ أم أنهما تمثلان تخمة البث التلفزيوني بالاعتماد على المعلن، في ظل كثرة المذيعين والمذيعات دون تقديم محتوى مختلف.
بطبيعة الحال تنوع تقنيات الاتصال وسهولة الاستفادة منها، مكنت تلك الفضائيات الأم من الإنجاب وعلى طريقة التوائم السيامية، وهي ظاهرة سلبية على الجمهور التلفزيوني، حيث فقدت متعة المشاهدة لأنها أنموذج للتشتت والعزوف. ما كنا نعانيه من قلة الحيلة تلفزيونيا قبل سنوات، تحول الحال إلى عبث فضائي بلا جودة وإبداع؛ لذلك فإن التخصص مطلب والعمق منهج.