معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعد إحدى أهم وسائل التواصل الحضاري والثقافي والعلمي بين الأمم والشعوب، وذلك لما يمثله المعرض من قيمة علمية وثقافية بالنظر للجهود التي قامت على تنفيذه

ألَق وتألق تحياه دولة الإمارات في هذه الأيام وفي غيرها. أيام متتابعة من الأيام الثقافية ومن التعدد والرؤى، ومن كلمات الضياء تمخر عباب الفضاء، أيام معرض الكتاب الدولي بأبوظبي، وأيام الشارقة للمسرح، واحتفالات الفجيرة للمونودراما، وأيام الهيئة العربية للمسرح وغير ذلك من الأيام المتتالية المتنقلة بين دبي وأبوظبي والشارقة الفجيرة وغيرها حتى يعم الضياء وترسخ كلمات النور في أذهان المتأرجحين بين النور والظلام، عبر ذلك الوعي الدافق الذي لا ينتهي.
معرض أبوظبي للكتاب كان بؤرة إشعاع لم أعهدها من سنين مضت، لأنها تفردت بحسن الإدارة وحسن الضيافة المغلفة بسيل جارف من الحميمية المفعمة بالود والإخاء. تم تتويجها بجائزة خادم الحرمين الشريفين وفوزه بالجائزة الأولى للشخصية العالمية كونه شخصية العام الثقافية في جائزة سمو الشيخ زايد العالمية للكتاب. يقول علي بن تميم أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب في حفل تسليم الجائزة التي تسلمها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله – صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني: حيث أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب اختيار خادم الحرمين الشريفين أيده الله شخصية العام الثقافية للدورة الثامنة 2013 / 2014 للجائزة تقديرا لإسهاماته الكبرى في المجالات الثقافية والفكرية والإنسانية والعلمية ولجهوده الحثيثة حفظه الله في نشر الثقافة وخدمة التراث على المستوى العربي والإسلامي والعالم أجمع .ثم يقول علي بن تميم:
فتى عبدالعزيز وفيك ما في.. أبيك الشهم من غرر المعاني
وذاك لأن كلَ بني سعود.. لهم فضل على قاص وداني
وأنهم الملاجئ في الرزايا.. وأنهم المطامح والأماني
تسوسون الرعية بالتساوي.. بفرط العدل أو فرط الحنان
لكم في ذمة الأحرار دين.. وأكرم بالمدين وبالمدان
كلمات اختصرت كل معاني التآزر والإخاء والوحدة في سبيل الوطن الواحد وفي سبيل العرفان بالأخ الأكبر، في بيت واحد يسوده الحب والعرف والعادات والتقاليد والمروءة والشيم التي توارثتها الأجيال جيلا بعد جيل، وتدحض بها كل النظريات القادمة من الغرب المنادية بالفردية والأنانية فيما أسموه بكسر الكارزما. نظريات لم تجد لها أي صدى بين إخوة وأشقاء أبهروا العالم بكرم الشيمة الموروثة!
أما ما كان ملفتا للنظر فهو ذلك الدور الذي قدمه الجناح السعودي وهو الجناح الأكبر في المعرض؛ من عرض وإدارة وضيافة وتكريم جذب اهتمام الحضور من زوار المعرض.
فقد كرم سفير خادم الحرمين الشريفين بدولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور محمد بن عبدالرحمن البشر ممثلي الجامعات السعودية والهيئات الأكاديمية والحكومية المشاركة في تمثيل المملكة العربية السعودية في الجناح الذي شاركت به في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الرابعة والعشرون، إضافة إلى فريق العمل التنفيذي والإعلامي.
ولم تخل كلمة الدكتور صالح بن حمد السحيباني الملحق الثقافي السعودي في الإمارات في بداية حفل التكريم من شكر سفير خادم الحرمين الشريفين بدولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور محمد بن عبدالرحمن البشر على متابعته وتسهيل كل ما من شأنه الرقي بمشاركة المملكة منوهاً بمتابعة معالي وزير التعليم العالي معالي الدكتور خالد بن محمد العنقري، ومعالي نائبه الدكتور أحمد بن محمد السيف في جهودهما في متابعة ما يستجد من فعاليات يومية، إشادة بكل ما بذله هؤلاء من جهد بالإضافة إلى الدور الذي قدمه الأدباء والناشرون السعوديون من إرث أدبي ساهم في إظهار هذا الوجه المشرف للمشاركة السعودية، والإطلالة المتميزة للتظاهرة الثقافية في الإمارات.
فلم يكن السحيباني مجرد ملحق ثقافي فحسب في هذه المناسبة الكبيرة، بقدر ما كان خادما لرواد الجناح وللمشاركين فيه؛ واقفا لا يهدأ يرحب ويستضيف بكل صنوف الود لكل من شارك أو حضر، ومن أجمل كلماته التي قالها: هو أن الأداء الجديد في الملحقيات هو أننا خدم عندكم نحن الذين نذهب إلى الطالب ولا يأتي إلينا. نوع جديد من التعامل لم نعهده من قبل. كما أنه أكد في كلماته أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعد إحدى أهم وسائل التواصل الحضاري والثقافي والعلمي بين الأمم والشعوب، وذلك لما يمثله المعرض من قيمة علمية وثقافية بالنظر للجهود التي قامت على تنفيذه، مشيراً إلى أن هذا النوع من المعارض مضمار ثقافي عالمي تتبارى فيه الجهات المشاركة في الجناح السعودي لتقديم إنتاجها الثقافي من فنون وآداب وفكر وعلوم، وتتيح ساحاتها فرصة لتحقيق رسالة حكومة خادم الحرمين الشريفين يحفظها الله التي تقوم على مبدأ العدل والسلام والمساواة بين شعوب العالم، ثم يتوج الجناح هذا الجهد بأن قدم المجمع ضمن مشاركته بالجناح في المعرض للزوار المصحف الشريف كإهداء لكل زائر باللغة التي يتحدثها، وقد كانت مفاجأة كبيرة ثمنها الزوار من جميع أنحاء العالم، لقد كان هذا الإهداء أعظم إهداء تلقوه والذي يضاف لجهود المملكة في العناية بالمصحف الشريف وترجمته وتوزيعه.
كانت مباراة في تقديم كل الجهد بين القائمين والمهتمين والمشاركين أيضا، بداية من سفير المملكة بأبوظبي مرورا بالملحق الثقافي، انتهاء بفريق التنظيم والفريق الإعلامي الذي لم تغمض له عين طيلة أيام المعرض لتوفير المعلومة بحب وولاء للوطن وبدون النظر إلى أي مقابل مادي، فلنا أن نطمئن على وطننا في ظل وجود مثل هذه القامات المتفانية وبلا حساب ليكونوا قدوة لمن يشكل فريقا للفساد وتعطيلا للمسيرة في بلادنا.