تستحق لقطة المصور ـ خضر الزهراني ـ على الصفحة الأولى من الزميلة الشرق الأوسط ما قبل الأمس للمسجد الحرام أن تكون لقطة العام

تستحق لقطة المصور ـ خضر الزهراني ـ على الصفحة الأولى من الزميلة الشرق الأوسط ما قبل الأمس للمسجد الحرام أن تكون لقطة العام: من ارتفاع شاهق في المساء تستطيع بوضوح أن ترى الإعجازين: إعجاز أكبر بناية واحدة متصلة بنتها يد الإنسان طوال تاريخه البشري، ثم إعجاز النظام والانتظام البشري في الملايين الذين اتحدوا في لحظة واحدة بجباه نحو الأرض في لحظة سجود مذهلة. وعلى أقل الأرقام تحفظاً فإن اللقطة في ذروة ليلة السابع والعشرين من رمضان قد جمعت مليوني نسمة في بناية واحدة، وفي حركة (سكون) واحدة وهو للمقاربة والمقارنة نصف العدد الأقصى المحتمل للذين دخلوا كل مباريات نهائيات كأس العالم بثلاثة وثلاثين يوماً وثماني مدن واثني عشر ملعباً في 64 مناسبة متباعدة في المكان والتوقيت. ومن أجل هذا احتاجت دولة مثل جنوب أفريقيا إلى ثمانية أعوام كي تستقبل الحدث وبذات أركان الهواجس التي تستقبلها مكة المكرمة: إدارة الحشود وهاجس الأمن وتأمين ثمانية ملايين وجبة لمدة شهر وثلاثة أيام: كل هذا مجتمعاً تستقبله مكة المكرمة في ظرف ليلة واحدة. نصف العدد الذي استقبلته جنوب أفريقيا لدخول ملاعبها والخروج منها في شهر تواجهه مكة المكرمة وبنايتها الحرام المقدسة في ظرف ساعة واحدة ولخمس مرات في اليوم الواحد. خمسة ملايين وجبة في الليلة الواحدة. وفي اليد الأخرى احتاجت الصين، مستضيفة الأولمبياد الأخير قبل عامين، إلى مئة ألف متطوع رسمي من خارج مؤسستها الأمنية الضخمة لإدارة حشد عشرة ملايين ونصف تدفقوا إلى 84 ملعباً وميدان منافسة أولمبية لاثنين وعشرين يوماً في إحدى عشرة مدينة صينية. كل هذا يكفي للمقاربة فماذا تبقى من عبرة الصورة؟ بقي أن أقول إنها نقطة المثال والأنموذج للنظام الفردي والجماعي والأمن والتموين في محيط هائل من الفوضى على كل الخريطة الإسلامية. هي تثبت أننا قد نكون، ولكننا لم نكن، بهذه الدقة المتناهية في الوقفة والطابور والنظام والاستماع إلى التعليمات بكلمة واحدة، في الإيثار والصبر في أحلك الظروف التي يتحول فيها أكبر حشد بشري في تاريخ الإنسانية كلها إلى أعظم آلة واحدة عرفها ذات التاريخ. يا إلهي ما هي المعجزة الخارقة التي أوصلتنا لهذه اللقطة؟