أتت التمارين العسكرية الأخيرة التي أطلق عليها اسم سيف عبدالله في وقت مهم جدا على المستويين العسكري والسياسي خصوصا مع تزايد فرد العضلات التي تقوم بها بعض دول المنطقة والتي نحت باتجاه تأجيج الأمور وتصعيد لغة التهديد باعثة برسائل باتجاه الشرق والغرب بأننا نحن من سيكون شرطي المنطقة ووكيل المصالح المعتمد.
السعودية كانت ومازالت في لعبة السياسة الدولية تنتهج لغة المرونة والبعد عن الصدام غير المحسوب، فلم تسع أبدا إلى تأجيج صراع أو تدعم جهودا لخلخة أنظمة ما لم تكن في موقع المدافع عن النفس وعن المصالح العليا للوطن والأمة العربية والإسلامية، وإن كنا نرى أن هذا التعاطي الدبلوماسي الذي لطالما كان ما يميز السياسة السعودية هو من أهم العناصر التي جعلت تلك الدول التي لا تحترم الجيرة أو المصالح العليا المشتركة تتجاوز حدود الدبلوماسية واللياقة أيضا.
الحضور اللافت الذي شهدته التمارين العسكرية التي أجريت برعاية سمو ولي العهد كان من العلامات التي لا بد لنا أن نقرأها باعتبارها رسائل سياسية موجهة للقريب والبعيد، فدول الخليج جميعها حضرت من خلال قياداتها السياسية والعسكرية باستثناء واحدة، كما أن دولة باكستان التي تمتلك السلاح النووي وتعد حليفا حقيقيا للسعودية منذ عقود أضاف حضور قائد جيشها للتمارين قيمة إقليمية مفادها بأن السعودية ليست وحدها، وأن التحالف الساعي لضبط المنطقة وإدارة ملفاتها المختلفة في مواجهة مؤامرات بعض الجماعات والدول التي تسعى إلى تغيير ملامح المنطقة لصالح خدمة مجموعة من ثوريي الفكر الإقصائي الإسلامي هو تحالف قوي مسنود سياسيا وعسكريا.
ليس خافيا أن هناك من يخطط بشكل ممنهج لتغيير الكثير من ملامح المنطقة بمن فيهم بعض المقربين ممن تاهوا في غياهب الغرور، والسعودية رغم أنها تملك الحق في الرد بأي شكل تراه مناسبا، ستبقى من أكثر الدول احتراما للمواثيق الدولية وإيمانا بها، إلا أن سيف عبدالله هو تعبير غير مكتوب بأن المملكة لديها القدرة على بناء التحالفات ولديها كف تستطيع به صفع أي متجاوز يعتقد بأنه يستطيع المساس بأمن واستقرار بلادنا ودولنا الخليجية الشقيقة.