الدمام: خالد الجهاد

مواطنون: استغلال ومغالاة الوكلاء سبب رئيسي في انتشار الظاهرة

رغم المنع الرسمي لبيع الإطارات المستعملة، إلا أنها ما زالت تحتل واجهات المحال المتخصصة بصيانة الإطارات، متسببة في معظم الحوادث المرورية التي تؤدي في أحيان كثيرة إلى الموت.
ويمكن القول إن ثقافة المجتمع، وطمع البائعين، إضافة إلى ضعف الرقابة الرسمية من الجهات المختصة، هي التي ساهمت في استمرار هذا القضية.
ارتفاع الأسعار سبب رئيسي
أحمد شاب ثلاثيني، استوقفته الوطن بعد شرائه لإطارين مستخدمين، لسؤاله عن رأيه حول هذا الإجراء الخطير الذي قام به، فقال ما العمل، وماذا يمكنني فعله، الإطارات الجديدة مرتفعة السعر، ولا يمكنني تدبير مبلغها، هنا يمكنني الحصول على إطارات مستعملة تسعفني لحين تدبر أموري بعد حين.
وحول خطورة الإطارات المستخدمة، قال أحمد نعم أتفق معك ولكن بالمقابل يمكنني الاعتماد على المستعمل لأني أستخدمها داخل البلد، ولا أسافر على مركبتي هذه، وهو ما يهون عليّ الأمر، لدي عائلة ولا أريد أن أكون سببا لإيذائهم وهو مصدر ألمي أحيانا.
واستغرب أحمد من وجود الإطارات وعملية بيعها في العلن وقال لماذا لا يمنعونها لنرتاح جميعا.
الأرباح وراء الظاهرة
بالمقابل لا يمكن القول إن أحمد نسيج وحده، بل لن نبعد عن الواقع إذا قلنا إنه بالفعل يمثل شريحة كبيرة من المجتمع دأبت على التعامل مع الأمر بتقليدية ودون تكليف نفسها بتقدير الأضرار السلبية المترتبة على تصرفهم، مكتفين بإلقاء اللوم على شماعة الظروف المادية أو الجهات الحكومية فقط، ونظرة سريعة على الحركة الشرائية التي تعيشها تلك المحلات التي تتاجر بالإطارات المستعملة تمنح المرء فكرة واضحة عن مدى انتشار الظاهرة لدى الناس.
يقول إبراهيم منصر، وهو بائع في أحد محلات تصليح الإطارات، إن هذه التجارة تدر مبلغا مجزيا لأن من يطلبها كثر، ولم يشأ أن يسترسل في ردوده التي جاءت مقتضبة مكتفيا بالقول انظر، كنا نضعها في واجهة المحل ولكن الحملات التي تداهمنا من وقت لآخر جعلتنا نضعها في أماكن مخفية خلف المحل، ولكنها مطلوبة، ارتفاع أسعار الإطارات الجديدة بشكل مبالغ فيه، جعل كثيرين يبحثون عن بدائل، وهذا كل ما في الأمر، قبل أن يتحول لاستقبال مركبة أخرى جاءت لنفس الغرض، الإطارات المستعملة.
غياب البديل
أما عمر الأمين بائع آخر لمحل إطارات فقال نعم البيع منتشر وأنا أبيع مثل هذه الإطارات، الأعمار بيد الله ولا يمكن إجبار الناس البسطاء على شراء إطارات بالآلاف لمركباتهم القديمة، إن بيعي في جزء منه هو عمل إنساني لأني أوفر بدائل، بعكس من يمنع مثل هذه التجارة والذي لم يوفر أي بدائل أمام مثل هؤلاء البسطاء، ليسوا سذجا ولا مغامرين، ولكنهم لا يستطيعون توفير ثمن تلك الإطارات، هذا كل ما في الأمر والنتيجة أن راجت تجارة المستعمل بشكل كبير، ونحن نجني منها مبلغا جيدا في نهاية كل شهر ولكنه لا يشكل ثروة للمعلومية.
ولم يتوقف عمر الأمين عن الاسترسال قائلا: تمر بنا تلك الحملات المكثفة بين فينة وأخرى، ولكننا نجيد التعامل معها لحين زوال خطرها، أي أني أستطيع القول إنها لن تحل المشكلة، لأن ما يحلها حقيقة هو معالجتها من جذورها، لست أكاديميا ولكني متمرس في الحياة، لقد تجاوزت الخمسين من عمري وأعي معنى أنه لا يمكنك توفير ثمن إطار جديد لمركبة رخيصة الثمن، والعمالة الوافدة هي بالطبع غالبية لدينا في شراء هذه الإطارات، التي يكون بعضها في حالة جيدة وليست سيئة كما يتصور البعض، مع الأسعار المناسبة التي تكون متوفرة بها.
وقبل أن نقع فريسة لتدفق أفكار البائع الأمين، وتفسيره للظاهرة، كانت لنا وقفة مع محسن الشقاوي وهو مواطن يعمل في أحد القطاعات الحكومية، حيث يدلي بدلوه قائلا: مشكلة الإطارات المستعملة لا يمكن التخلص منها سريعا، لأن الناس لا تغير أفكارها سريعا، وينتظر كل شخص أن يتعرض لتجربة شخصية مريرة لكي يغير حينها فقط قناعاته، ورأيي أن تكون هناك رقابة أكبر على محلات بيع الإطارات وتقنين الظاهرة تدريجيا، مع كبح جماح وكلاء بيع الإطارات وعدم ترك الحبل على الغارب لهم، ويوازي ذلك حملة تثقيفية لتبيان خطر الإطارات المستعملة عبر وسائل الإعلام التي صارت فعالة بشكل كبير عبر أدواتها المختلفة.
ونهاية من المحزن القول إن الظاهرة تواصل انتشارها رغم كل الجهود المستمرة لمكافحتها، الا أن الأخبار الجيدة أن تلك المكافحة تسير بشكل متصاعد، مع ارتفاع المستوى الواعي للزبائن، وهو الأمر الذي قد يمكن التعويل عليه بمرور الوقت، خاصة في ظل أرقام متزايدة باطراد عن الحوادث التي يكون سببها استخدام الإطارات المستعملة.
أرقام بلا نتائج
من المعروف أن الجهات الحكومية تحارب رسميا ظاهرة بيع الإطارات المستعملة، وتشكل اللجان المشتركة من أجل التصدي للمتاجرين بها من أصحاب المحلات وغيرهم، وتكشف بعض الإحصائيات أرقاما في هذا الصدد الخطر المهول الذي يحيط بالمجتمع جراء هذه التجارة.
وكشف الناطق الإعلامي لمرور المنطقة الشرقية العقيد علي الزهراني، عن وجود لجنة رسمية مشكلة من إدارة مرور الشرقية بالإضافة إلى أمانة المنطقة الشرقية، تنحصر مهمتها في جولات تفتيشية على أصحاب محلات الإطارات والبناشر بالمنطقة الشرقية، وذلك من أجل محاربة ظاهرة بيع الإطارات المستعملة.
ويضيف الزهراني قائلا: شهدت الفترة من 1-6-1434 حتى تاريخ 31-12-1434، القيام بـ608 حملات تفتيشية، ووصل العدد الإجمالي للإطارات المتلفة من قبل اللجنة المشتركة إلى 7311 إطارا.
وختم العقيد الزهراني تصريحه بالتأكيد على اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين من إتلاف وغرامات مالية، في إطار السعي للتخلص من هذه الظاهرة، ومتابعتها كما يجب.
البلدية.. وثقافة المجتمع
يقول الناطق الإعلامي لأمانة المنطقة الشرقية محمد الصفيان، إن الموضوع بالغ الأهمية وهو يكشف ضرورة أن يتعامل جميع أطياف المجتمع للتخلص من مثل هذه الظواهر، قبل أن يضيف في تصريحه لـالوطن، قائلا إذا تحدثنا بشكل رسمي فإن الأمانة تعمل من جانبها على التصدي لهذه الظاهرة عبر وكالة الخدمات التي تعمل دورياتها على مراقبة تلك المحلات والوقوف على مدى التزامها بالشروط المطلوبة، لأن بيع الإطارات المستعملة ممنوع رسميا، وهناك لائحة عقوبات في حال المخالفة وهي كفيلة بمحاربة هذه الظاهرة. وأضاف للأسف الأمر لا يتوقف على جهود الأمانة أو أي جهة حكومية أخرى، إن الأمر حقيقة يتعلق بثقافة المجتمع ككل الذي يرضى بعض أفراده استمرار الظاهرة وتشجيعها، نعم تغير الوضع قليلا ولكنه ما زال موجودا، لا أقول إنه مستحيل بل يمكن التخلص منه، ونحن من جانبنا لن نتوقف عن القيام بواجبنا لمعرفتنا بحجم الخطر الذي تسببه ظاهرة شراء وبيع الإطارات المستعملة.