تحدثت ذات مقال عن إمكانية أن يبلغ العالم مرحلة التوثيق الإلكتروني فقط فيختفي شيء اسمه المخطوطات

تحدثت ذات مقال عن إمكانية أن يبلغ العالم مرحلة التوثيق الإلكتروني فقط فيختفي شيء اسمه المخطوطات نتيجة الاستغناء عن الورق فلا يورث عصرنا الحالي للأجيال المقبلة سوى مخطوطات إلكترونية قابلة للضياع بكبسة زر أو خطأ إلكتروني.
إلى ذلك بات كثير من الكتاب والمبدعين يكتفون بالأرشيف المحفوظ على مواقع الصحف أو مواقع الكتب ولا يحتفظ أحدهم بالنسخ الورقية، مما يعني أن ذلك الأرشيف بدوره عرضة للفقدان لو أُغلق الموقع أو أصابه خلل أدى إلى مسح المعلومات المخزنة فيه، وقد حدث هذا الأمر أكثر من مرة في العديد من المواقع.
قلة الاهتمام بحفظ الورق ربما تتسبب في حدوث انقطاع تراثي، فالجيل الذي سبقنا ترك كثيرا من المخطوطات الورقية فيما قل عدد المخطوطات لدى الجيل الحالي، وربما تتلاشى لدى الجيل المقبل.. وهنا قد يتساءل البعض عما إذا كان عصرنا الحالي يمكن أن يترك بصمة بعد قرون عدة، وهل سيكون لوقتنا الراهن ذكر عند الحديث في الغد البعيد عن الآثار والتراث، أم سيبقى ما تركه الذين سبقونا هو المسيطر على المشهد التاريخي والتراثي؟
هل تستطيع الأبنية الشاهقة والأبراج أن تصمد مئات أو آلاف السنين لتغدو حينها شاهدا أثريا على مطلع الألفية الثالثة؟ وإن لم تصمد، فهل هناك من سوف يهتم ببقاياها ليجعلها من آثار الأولين لمن سيأتون بعدهم؟.. وما إلى ذلك من تساؤلات قابلة للنقاش وتخضع لاحتمالات عدة.
أمام ما سبق، قد يكون ما سوف يورثه أبناء عصرنا من آثار وتراث ومخطوطات قليل جدا بالمقارنة مع الأزمنة السابقة، والمسألة يصعب حسابها اليوم لعدم معرفتنا يقينا بما ستؤول إليه الأمور بعد مئة عام وليس ألف عام، وهذا يعيدنا إلى نقطة البداية للتمسك بالورق فهو الأقرب لكل شخص، فمن يكتبون على الكومبيوتر رواياتهم وقصائدهم ومؤلفاتهم بعيدون عن الفكرة التقليدية للمخطوطات، والذين مازالوا متمسكين بالورق على قلتهم هم الأقرب لأن يكون لهم ذكر في التاريخ كأصحاب مخطوطات.
كذلك، فإن الكتب المطبوعة أقرب للصمود زمنا طويلا من الكتب الإلكترونية، فكتاباتنا الإلكترونية قد تزول لعلة ما أو بسبب فايروس يقضي على كثير من الملفات والمعلومات، وإن حدث ذلك فإننا نضطر للبحث عن حلول تقنية كاستعادة الملفات المحذوفة، وإن عجزنا.. فلا خيار أمامنا سوى الاستسلام والبدء بكتابة جديدة.