بكل صراحة أقولها، من أسوأ عاداتنا غير الصحية والتي من خلالها تتناقل الكثير من الأمراض المعدية خاصة الأنفلونزا، هو أننا خلال لقاءاتنا ببعضنا بعضا في المجالس أو العزاء أو العمل أو في لقاءات الصدف في الأماكن العامة نتبادل الأحضان ودق الخشوم والقبلات دون الاكتفاء بالمصافحة التي هي أفضل بكثير من هذه المجاملات التي لا داعي منها، ويمارسها الكثيرون مع من عرف ومن لم يعرف، فهذه الأحضان والقبلات يُفترض أن تكون مع الأشخاص الأعزاء جدا وفي حدود ضيقة، لكن عادتنا هذه جعلتنا نمارسها مع من لا نعرفه إلا منذ لحظات، سواء كان ذلك على مستوى الرجال أو النساء، وبصدق نحتاج إلى تصحيح هكذا عادات غير صحية خاصة أننا اليوم في ظلّ مواجهة استمرار ارتفاع أرقام حالات الإصابة بفيروس الكورونا الخطر، والذي نسمع عنه الإصابة به كلّ يوم في مدينة جدة ومدينة الرياض وغيرهما من المدن، وهذا المرض الغامض المجهول العلاج والظروف في انتقاله مستمر في حصاد الأجساد والأرواح، وما تزال وزارة الصحة ومسؤولوها عاجزين عن مواجهته والحد من انتشاره ما دامت تتعامل معه وكأنه أنفلونزا عادية، فهي عاجزة حتى عن تقديم الوقاية الكاملة لكوادرها الطبية ممن يصابون بالمرض، بل مع الأسف الشديد أن المستشفيات باتت بؤر خطرة لهذا الفيروس نتيجة قلة الاهتمام بالوقاية والتعقيم المستمر الذي يجب ألا يتوقف على مدار الساعة.
ومنذ يومين كنتُ مع والدي الذي أصيب بالتهاب مفاجئ اضطرنا لزيارة الطوارئ في أحد المستشفيات، وخلال وجودي معه أخبرني الطبيب أن في الطوارئ أربع حالات مصابة بالكورونا والخامسة لطبيب من فريق عملهم، ومع الأسف الشديد لاحظتُ الكثير من العادات غير الصحية التي يمارسها كثيرون كانوا برفقة ذويهم المرضى، منها تبادل الأحضان ودق الخشوم والقبلات مع بعض معارف لهم صادف وجودهم هناك، لكن الأشد بؤسا واستهتارا هو اصطحاب المرافقين للمرضى لأطفالهم معهم، وهذا هو الأشد خطرا، فما الداعي لتواجد الأطفال في المستشفيات وأقسام الطوارئ بمرافقة ذويهم، خاصة أن مناعة أجسادهم ضعيفة، ويجب ألا يتواجدوا في هذه الأماكن ما داموا ليسوا بحاجة طبية لها، وما أساءني جدا أن هناك من لم يحرص على ارتداء الكمامة، وارتداؤها اليوم بات ضروريا في المستشفيات، وحتى الأماكن العامة المزدحمة، لكن ما عجزتُ عن تفسيره صراحة، هو أني وجدت رجلا بصحبة زوجته المريضة في الطوارئ، ويضع كمامة ويحمل طفلته ذات الأربع سنوات دون أن يضع لها كمامة! هذا الموقف استغربته جدا، كيف يحمي نفسه من فيروس يعرف عن انتشاره بينما طفلته بدون كمامة!
أخيرا، علينا جميعا مواجهة هذا المرض المجهول العلاج بالوقاية الذاتية وأخذ الاحتياطات قدر ما نستطيع، وأهم بنودها التوقف عن المجاملات الفارغة وبلاش أحضان وبوس ودق خشوم! فالوقاية خير من العلاج الذي ما يزال غامضا في ظل وزارة عاجزة حتى عن حماية كوادرها ومستشفياتها!