عندما ننتقد غياب المبادرات النخبوية فهذا لأن مدى تأثيرها سيطال شرائح مهمة، وإن تقبل المجتمع حادثة 'أبوملعقة'

عندما ننتقد غياب المبادرات النخبوية فهذا لأن مدى تأثيرها سيطال شرائح مهمة، وإن تقبل المجتمع حادثة أبوملعقة - بالمضي قدما في البحث عن غيرها - فإنها لا تسقط مسؤولية النخبة عن إدارة الوعي والتأثير فيه بطريقة ترفع من وعي الشباب، وهو ثروة، ومن باب المساهمة في إدارة هذه الثروة يفترض تبني المبادرات التي تساند وعي المجتمع، وتكون هدفا من أهداف النخبة وبدعم الغرف التجارية، التي لا بد أن تُرغب المبادرين وتكون وجهتهم للتمويل.
تناول مخدر الحشيش والترويج له في الدراما العربية وعبر أكثر أسلوب مجاني النكتة بزعم حاجة الناس إلى الترفيه وفي مقولات أخرى المجتمعات بدون سينما ومسرح وأبعاد ثقافية توصل شرائح الشباب إلى هذه المرحلة، حالة صارخة من الكذب والدليل: مصر وهي رائدة السينما والمسرح العربي يروج الحشيش فيها ترويجا غير مسبوق، بما يؤكد أن دور المساجد والمنابر والهوامير والرموز ليس له انعكاس قوي على المجتمع. السكوت نفسه أو التعامل بنخبوية من منطلقات امتلاك سلطة الوصاية وطرح المواقف عندما تسجل بسلبية، جميعها عوامل تمنحنا هذه النتيجة التي تفيض عند حدود ردود الفعل، ثم تختفي الطاقة فلا مبادرات ولا قرارا نخبويا يقود إحداث التغيير مع إحراز تقدم ليرتفع الوعي فتنخفض نسبة تعاطي المخدرات والحشيش، وبالتالي نسبة تفشي الأمراض النفسية.
مع كل حادثة، العقلاء سيعترفون بأنهم شركاء في المسؤولية، والنخب التي نجدها في الطليعة عليها الانتقال من منطقة النقد إلى الفعل والمبادرة لتمنح نقدها لاحقا وشراكتها في البناء والتنمية والإصلاح قيمة، تخلي النخبوي عن أدواره الوطنية والاجتماعية والتثقيفية يحوله إلى متواطئ مع الباطل، هذا زمن الساكت كالراضي والراضي كالفاعل، تلفتوا حولكم، رموزكم كم قدمت وماذا قدمت ومتى ولأي قضية اجتماعية وطنية، المبادرة لخدمة مصالحهم يعني أنها لمجرد التكسب.
إذاً حان وقت رد الجميل الوطني أو الاجتماعي، فالمكانة التي يصل إليها المثقف والرمز تعني أن المجتمع تفاعل معه، وهو مدين له بدوره في وقت قد يتفرغ للتقليل من كل ما هو وطني واجتماعي عبر المقارنة مع مجتمعات ودول يراها أحسن من وطنك أيها المواطن، وليس لديه استعداد لتقاسم مكابدتك ومعاناتك، من برجه العاجي يتحدث عن خطاياك، يملك سلطة الوصاية عليك بتمثيلك في المحافل، يحمل اسم وطنك متذمرا منك ومن سلوكياتك، تفتش عنه ليضيف معلومة أو يقف بجانبك ويبادر بطرح الحلول بدلا من تفريغ سوداويته في منتوجاته فتجده يخجل من مواطنته التي يتشارك معك فيها، وحتى وطنك يستكثر عليه تغريدة أو كلمة حق ولا أعمم..
آن أوان مكافحة سلطة الوصاية.. والسلبية.