شاعر قال إنه يحمل 'لعنة' تشابه الصوت مع والده
أقرب مثل يمكن أن يدور في ذهن من يعرف الشاعر الشاب عبدالرحمن أحمد عسيري هو ابن الوز عوام، فهذا الشاب العشريني شاعر كأبيه الشاعر المعروف أحمد عسيري، لكنه ينفي أن تكون تجربته نسخة من والده، وفي الوقت نفسه يؤكد أن وجه الشبه الوحيد بينهما هو نغمة الصوت. يقول أنا أحمل لعنة التشابه في الصوت مع أحمد. عبدالرحمن الذي اختط تجربة نشر تجربته الشعرية بالصوت والصورة تحدث لـالوطن عن علاقته بالمؤسسات الثقافية وبعض القضايا الأخرى في هذا الحوار:
تعتبر من الشعراء الشباب الذين لفتوا النظر منذ أول مشاركة منبرية، لكنك في فترة ما ابتعدت عن النشر وحتى مشاركاتك أصبحت محدودة وكأنك في عزلة.. لماذا؟ وهل تشعر أنك وزملاءك الشباب لم تعطوا حقكم إعلاميا ومن قبل المؤسسات الثقافية؟
هي ليست عزلة بالمعنى الصحيح، إنما الشعر إبداعٌ ذاتي وحالة ملائكية من ترجمة الإحساس تتلبس صاحبها ولا تستوجب صعود المنبر، ولا التواجد في المؤسسات الثقافية، فهي لا تخلق الموهبة، إنما تصقل المبدع وتحتفي بمنتجه الإبداعي، وللأسف مؤسساتنا الثقافية لا تستطيع التنفس في ظل مرض السل الثقافي الذي تعاني منه.. بمعنى آخر، كيف تريد مني أن أؤمن بالأندية الأدبية كمؤسسة ثقافية معنية باحتضان تجربتي وأحرص على تواجدي بها والاستفادة من النشر فيها وأنا أرى الصف الأول لمثقفي المكان ورواده يتنازعون على كرسي بـ 2500 ريال !!!
أما ظلمُنا إعلامياً، فالإعلام بأطيافه لا يحتفي إلا بما يصب في اتجاه المؤسسة الإعلامية ذاتها، مما يحقق ربحاً لها ويضمن أكبر قدر ممكن من الصخب اللامنطقي والذي يزيد في أعداد متابعيها.
لو دعيت لفعالية في ناد أدبي أو جمعية ثقافة وفنون، وفي الوقت نفسه دعيت من قبل جهة أهلية مستقلة، أيهما ستختار؟
من الطبيعي أن أذهب إلى الجهة الأهلية المستقلة، وضع خطاً تحت كلمة مستقلة.. المؤسسات الثقافية في المملكة ما زالت من وجهة نظري تحت مظلة الوزارة، وهذا ما عطل حركتها وحنطها في تابوت البيروقراطية، وأنشأ بها لوائح لم تكن غير عثرة للعمل الأدبي والثقافي، وجعلها بوابة لدخول أنصاف المبدعين لمجالسها.. أعتقد أن تحويلها إلى مؤسسات مجتمع مدني أصبح لزاماً.
البعض يقول إن عبدالرحمن الابن هو الوجه الآخر الإبداعي لأبيه الشاعر أحمد عسيري؟ هل تتفق مع هذا الرأي؟ وماذا يمثل لك أحمد عسيري في الجانب الإبداعي بعيدا عن الجوانب الأخرى؟
القريب من تجربة أحمد عسيري وتجربة عبدالرحمن عسيري يدرك الفرق الشاسع بين التجربتين، وإن كانت تجربة أحمد ناضجة ومكتملة ومتجاوزة لمجايليه، وتجربتي مازالت في طور التجريب والبحث عن عباءة شعرية أخيطها بنفسي تكون ذات طابع خاص أبحر فيه.. لكن يا صديقي أنا أحمل لعنة التشابه في الصوت مع أحمد، والذاكرة السمعية للمتلقي لا تستطيع أن تفصل الحرف الشعري عن نبرة ناطقه، واعتدت على مثل هذا المزج.. أما أحمد عسيري فهو نافذة على الحقل اللغوي المثمر.. يكتب القصيدة فلا يكتب إلا عبقه ولا يحس إلا بمرايا الطل وحدائق النبض الشفيف. أتعلم، فوجئت أن أحمد عسيري هو أول كاتب لقصيدة التفعيلة في عسير، إذ أخبرني بذلك الشاعر محمد زايد الألمعي ذات مساء.
يلاحظ المتابع لتجربتك أنك بدأت في الفترة الأخيرة في نشر قصائد بالصوت والصورة عبر يوتيوب.. ما الذي دفعك لهذه التجربة؟
لم يعد الكتاب فقط هو الجسر الذي يعبر فوقه المنتج الإبداعي نحو المتلقي، بل أصبحت الميديا تنوب عنه في مجالاتٍ إبداعيةٍ كثيرة. وفي ظل تنكر منابر النشر للأدب والمبدعين، وغيبوبة القارئ العربي، وغربة الكتاب لم يكن هناك مناص من تطويع وسائل التقنية الحديثة لخدمة الإبداع ولغرس وردة أدبية في صحراء اللامعرفة باللغة الأم حتى وإن لم تحظ بفرصة الاحتفاء من قبل النقاد.. فأنا لا يهمني الناقد كثيرا بقدر ما يهمني المتلقي.. فجل رسالتي الشعرية له وليست لغيره، والميديا كانت خير وسيلة للتواصل معه.
هل لديك نية لإصدار ديوان شعري في وقت قريب؟ وبما أنك أقرب الناس للشاعر أحمد عسيري، متى نرى ديوانه مطبوعا؟
سأطبع ديواني قريباً، لكن بعد طباعتي لديوان أحمد عسيري الذي جمعته ورتبته. وسأكون ديكتاتورا مع كاتبه في فرض رؤيتي عليه، ولن أقبل التسويف في الطباعة أو الخروج بعمل غير مكتمل من جميع الجوانب.