علمت عن يوم المهنة من ملحقيتنا الثقافية في لندن التي تواصل رسائلها وتنبيهاتها لنا كمبتعثين بوجوب الحرص على حضور يوم المهنة وتسجيل مؤهلاتنا، كنت أمرّ على هذه الرسائل باحترام وبسعادة بالغة، وفي الواقع جاءني اتصال من زميلة حاصلة على درجة الماجستير في الجودة الشاملة وتدرس الدكتوراه حالياً في بريطانيا في معايير البناء المدرسي من وجهة نظر الجودة الشاملة واسمها أريج العبيري، قالت إنها لا تستطيع الحضور لبعد المسافة بين كاردف ولندن وتطلب أن أقدم سيرتها الذاتية تحديداً لهيئة تقويم التعليم العام.
في صباح يوم السبت الماضي استيقظت متألمة من الأنفلونزا أتساءل: كيف أوصل أوراق أستاذة كأريج أوقن أنها ستكون عضواً نافعاً ومساهماً في إصلاح التعليم، وبخاصة أن تخصصها نادر ومميز ويستهدف معايير البناء المدرسي الجيد؟ والهيئة من اسمها تقويم، فأي عمل رائع إذا جمعتهما؛ أعني أريج والهيئة!
يوم المهنة وكما تحدده الملحقية هو الجسر بين حياة الطلاب الأكاديمية والانخراط الواقعي في سوق العمل، وكما تعرفون هو تنظيم يعمل به في العالم المتقدم ليكون فرصة لهؤلاء الطلاب لتقديم أنفسهم والحصول على فرصة عمل تناسب مؤهلاتهم وتلبي حاجة الشركات والوزارات في بلادنا.
تمنيت حقيقة قبل أن أحضر أن أجد ما يخبرني عن نتائج يوم المهنة العام الماضي؛ أعني كم نسبة من تم توظيفهم؟ وأعتقد أنها الإجابة التي ستخبرنا عن جدوى هذا اليوم، فإذا كان فعلاً يحقق أهدافه فلن نكتفي بيوم واحد، وإذا كانت الإجابة بـلا فدعونا نتساءل: لم؟
عندما وصلت وجدت - كما عودتنا الملحقية السعودية في بريطانيا- التنظيم الجيد والمميز، كما وجدت أن الكثير ممن نعرفهم في بلادنا من بنوك وشركات كان حاضراً باستثناء جامعة الملك عبدالعزيز لم أرها؛ مما يقفز بسؤال: هل جامعة المؤسس لا ترغب في خريجي بريطانيا أم لا حاجة لها بهم؟ أم ما قصة هذه الجامعة وفي التوظيف تحديداً؟
لم تحضر وزارة التربية والتعليم ولا أعرف السبب، كنا نتمنى حضورها؛ فتطعيم الوزارة بالشباب مهم جداً، كما أن الاطلاع على تجارب منسوبيها مهم أيضاً، وكما رأينا حضرت وزارة الداخلية ووجدت منسوبيها يشرحون للفتيات والفتيان عن تخصصات جديدة في أقسام ستفتتحها وتشجعهم على التخصص بها؛ ومنها التشريح الجنائي مثلاً!
الجامعات أيضاً قدم وفودها توصيات للطلاب والطالبات الجدد، لكن لاحظت أمراً لا أعرف كيف يفسره التعليم العالي والملحقية؛ لقد كان بيد أعضاء الوفود قائمة بأسماء جامعات معينة يسألون الطلاب المتقدمين؛ فإذا كانوا من طلابها أتموا المقابلة وإذا لم يكن اعتذروا منه، السؤال هنا: هل هناك قائمة للدراسة يلتزم بها الطلاب وعندما يرغبون في التوظيف يتم استخراج قائمة أخرى قد لا تكون جامعتهم من ضمنها كأنما كأنك يا بوزيد ماغزيت؟!
ربما تتساءلون عن السيرة الذاتية للعزيزة أريج العبيري، وهل أوصلتها؟ في الحقيقة إنني منذ لحظة وصولي بحثت عن هيئة تقويم التعليم ووجدتهم، ظننت أن المسألة أوراق معي سأعطيهم إياها وأمضي، لكن أول عضو في وفد الهيئة كان شاباً محترماً أعطاني آيباد وطلب مني تعبئة أبليكيشن ووضع لي مقعداً، قلت له ولزملائه: إنه لصديقتي وإنني موظفة، وعندما شرعت التفت نحوي أحد أعضاء الوفد وسألني عن تخصصي، فقلت له مرة أخرى: أنا موظفة ورسالتي في المعايير الدولية لإدارة التميز، فرد وهو يلتفت بسرعة: ما عندنا هذا التخصص، فشعرت بالدهشة وقلت: وزارتي هي من ابتعثني، فنظر نحوي وقال: هل لدينا إدارة تميز؟ فقلت: نعم وأنا صادقة ومؤمنة بذلك، بلادنا هي عنوان للتميز، لدينا جوانب تحتاج لإصلاح، ولدينا جوانب تميزنا بها، لكن إجابتي لم تعجبه وقال وهو يقف: ما عندنا لك وظيفة، فقلت بسرعة: يا أخي أنا موظفة، أنا أقدم لزميلتي! فرد: وزميلتك معلمة ولا يوجد لها وظيفة عندنا، وقام، فسألتهم: هل تتبعون الدكتور نايف الرومي؟ لأنني ظننت أنني أخطأت ولست في هيئة تقويم التعليم، فرد وللمرة الأولى بإجابة أعجبتني قال: نحن نعمل معه ولسنا تابعين له.
لدينا لاحظ العبارة، هل واجه غيري موظفين يظنون أن الوزارة أو الهيئة أو البنك تخصهم لذا ليس لديهم وظيفة لك أو لها؟ نعم للأسف، هل سيتوظف الشباب مع هؤلاء؟ هل سنربح الكفاءات مع هؤلاء؟
قالت لي فتاة خريجة: المسألة تصريف، وقالت أخرى: جايين يتمشون في لندن ما هم جايين يوظفونا، وقالت أخرى: العام جيت وهذا العام جيت ونفس الكلمة، عبوا أونلاين، طيب ليش جايين أنتم؟!.