من مبادئ الرياضة السامية في مجال التنافس الشريف أن تتواضع عند الفوز، وتبتسم عند الهزيمة، ومن المساوئ أن تتعالى أو (تشوف نفسك) على الآخرين أو تزهو إلى درجة الإساءة لنفسك بما ينفر الآخرين منك.
والحقيقة أن فريق النصر (الجميل) هذا الموسم والمثالي في تعامل رئيسه الأمير فيصل بن تركي والمبهر بجماهيره الرائعة، (خربها) في النهاية بإشارة (الأنف) التي تنم عن فوقية وبما يخدش التنافس: (من وراء خشمك / غصب عليك ـ عنك..) التي فسرها الأمير فيصل بن تركي: غصب على الظروف.. غصب على الحظ.. غصب على الكرة..!
والحقيقة أنها (إشارة) اغتصبت التنافس الرياضي وأوقعته في وحل التعصب والضدية، في وقت أحوج ما نكون إلى تعميق أساليب ومعاني وسمات التنافس الرياضي الشريف، لا سيما بين الكبار والجيران والمتنافسين الأبطال.
نال الأمير فيصل بن تركي كثيرا من المديح المستحق طوال الموسم، فكان طريق النجاح ببطولتين بعد سنوات عجاف، توجت عطاء الفريق الجميل في كل شيء، لكن وبعد التعادل مع الشباب وفي غمرة الاحتفال بالإنجاز الثاني هذا الموسم انغمس البعض بقيادة الرئيس في تكرار الإشارة بما لا يليق، وسايره كثير من اللاعبين، وقبلهم ابنه الأمير تركي بما لا يخدم مستقبل التنافس، دون أن نغفل بعض اللاعبين الذين حافظوا على وقارهم التنافسي ويستحقون كل الثناء والتقدير، لكن المصيبة كانت في قياديين وإداريين وبعض النجوم ممن يرتجى منهم المثالية والتعامل الرياضي الحقيقي.
وكنت أتمنى لو أن الأمير فيصل بن تركي قاد حملة اعتذار عن هذه الإشارة بدلا من محاولة التبرير.
والمؤسف أكثر أن زملاء في الإعلام استماتوا في الدفاع عن الإشارة وصادقوا أكثر من مرتكبي الخطأ الجسيم بما يعزز ثقافة الميول التي تطغى على كل شيء، وهو ماحذرنا منه كثيرا، لكن الإعلام ابتلي بمن ليسوا في مستوى المسؤولية.
وهناك من استحضر أحداثا مماثلة للأمير محمد بن فيصل رئيس نادي الهلال الأسبق والأمير فهد بن خالد رئيس نادي الأهلي الحالي، وهذا أسوأ، فالنقد يجب أن يسري على الجميع في مختلف الأندية والمناسبات. ومن مساوئ كثيرين لدينا تبرير الخطأ بفعل سابق لآخر منافس أو منتم لغير ناديه، بينما هو فعل واحد يجب أن ينبذ.
والحقيقة الموجعة أن الفعل الجماعي لمنتمين لنادي النصر غير مقبول ويجب أن نواجههم بصراحة وحب وتوعية، مؤملا أن يعتذر الأمير فيصل بن تركي ليكسب أكثر في مساحة المثالية التي سلكها طوال الموسم وقاد النصر بكفاءة لمنصات الذهب وأمتع محبي كرة القدم بفريق عذب.
وفي هذا المقام مازالت المنظومة الرياضية مقصرة في الجوانب التوعوية والتنويرية والتثقيفية، وما زال القياديون غير قادرين على استثمار أي مناسبة لردع من يخرجون عن النص ولو ببيان (شجب) واستنكار. والواضح جليا أن الخوف والارتباك يضربان أطنابا في هيكل الإدارة الرياضية بتوجسات وحسابات تضعف من شخصية وقيمة المسؤولين.
ولست هنا أطالب بعقوبات دون العودة للوائح، أبدا.. لكنني أنشد تفاعلا يتصدى للمخالفين ولو ببيان أو رسائل عامة، والحرص على تفعيل سمات الرياضة في ظل تنامي السلبيات والمناكفات والاتهامات.
أما الإعلام، فالمؤسف أن به (كبارا) ومسؤولين بعضهم في أقسام غير رياضية، ويُقدمون كإعلاميين رياضيين، يتبارون في تغريدات وبرامج فضائية بأساليب بالية وبدفاع انتحاري عن الأندية ورؤسائها ونجومها دون حرص على مهنة الإعلام ودون أدنى درجات الاعتبارية والاستقلالية، وهذا أمر مؤسف ومزعج جدا في ظل الفوضى العامة وعدم مبالاة الجهات ذات العلاقة، سائلين الله أن يقيض للإعلام من ينتصر له.