قد تكون أمانة جدة تعرضت لانتقاد لا داعي له؛ بسبب ردة فعل الأهالي الذين تذمروا الأسبوع الماضي من هدمها لأجزاء من شارع قابل، تشكل تعديا على الشارع العام. إذا سلمنا بحسن المقصد، فإن حجة الأمانة قوية ولا تتعارض مع مبدأ الحفاظ على شكل وعمران منطقة جدة التاريخية. لكن ينبغي القول إن الاعتراض على الإزالة كان بسبب غياب المعلومة التي لم توفرها الأمانة. ولذلك فسر الأهالي إزالة التعديات عملية خاطئة تمس أحد معالم جدة التاريخية!.
هكذا احتل شارع قابل بامتياز الموضوع الأهم محليا على مواقع التواصل الأسبوع الماضي، ليس لقدمه الذي يزيد على 80 عاما، ولكن بسبب غياب المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب. فما صاحب عملية هدم التعديات يعد مثالا قويا على ما يسببه غياب المعلومة من رفض لأي عمل حتى لو كان سليم القصد. وفعلا أثيرت الشكوك، ثم تزايدت الهواجس خوفا على الدعم والاهتمام الذي كسبته منطقة جدة التاريخية، حتى إن أحدهم تساءل بإحباط: ولماذا احتفلنا بمهرجان كنا كدا؟
كان يمكن لأمانة جدة أن تمهد لقرارها بتوفير معلومة مسبقة في الصحافة وشبكات التواصل. وكان يكفيها شرح التعديات مدعمة بالوثائق والأرقام، فهي أمام جيل جديد وواع، أخذ يحاجج بالصور القديمة، ويظهر فيها وجود الجزء المختلف عليه قبل 60 عاما. لذلك كانت بكل تأكيد تحتاج إلى تبيين تاريخ ملكية الشارع العامة والخاصة. وأحسب ذلك كفيلا بطمأنة الأهالي لو بينت أن الإزالة لن تمس شكل وهوية الشارع التاريخية. صحيح أن حملة النقد قد خفت بعد فترة، لكن ينبغي القول لو أن الأمانة بينت المعلومة المطمئنة قبل إزالة التعدي، لتفاعل الجمهور معها ولأيد قرارها من البداية، وبالتالي استفادت زخما ودعما، لو طمأنت المواطن على تراث جدة التاريخية فقط.