الآن جاء الوقت الذي لا بد أن يجرب العالم الإسلامي خيارات أصعب وأكثر فاعلية للأخذ على يد من يعيق مسيرة الأمة ويشتتها ويعمل على تخلفها ليس بالبيانات المشتركة، ولا بالتصاريح، فلم يعد الكلام يجدي..
لدينا في العالم العربي والإسلامي قضايا متعددة وهي قضايا عادلة لكننا ننهزم فيها، وغيرنا لديه قضايا خاسرة وينتصر فيها، والفرق أن عمله منظم ويعتمد على رسم استراتيجيات مبنية على دراسات؛ إذ تمتلك إسرائيل أفضل مركز للدراسات الاستراتيجية في العالم، ونحن بالمقابل فوضويون مشتتون متفرقون متقاتلون، ولا نؤمن بالبحث العلمي، وليس لدينا ثقافته التي تحتم علينا رسم خططنا وسياساتنا عليه.. ومقارنة أخرى، إسرائيل هي الدولة الثانية في العالم من حيث جودة التعليم وهي الدولة الأولى في تصنيع الروبوت أو ما اصطلحنا على تسميته بالرجل الآلي..
نحن في العالم الإسلامي والعربي نعاني من العداوات ما الله به عليم.. فمثلا إيران تقول إنها تنتظر المهدي المنتظر كما جاء ذلك على لسان أمين صيانة الدستور في إيران علي جنتي، وإنهم سيمتثلون لأوامره، هذه العقلية تمتلك قوة هائلة وتخطط لامتلاك السلاح النووي، وتحاول بقوتها تلك تصدير ثورتها وتهدد دول الخليج، ونرى ذلك عيانا بيانا متمثلا فيما يجري في البحرين واحتلال الجزر الإماراتية.. هذا يتم بدلا من التعاون الاقتصادي وتبادل الخدمات التنموية التي تعزز بعضها الضعف عند البعض الآخر في تبادل للمنافع يؤدي إلى قوة العالم الإسلامي وتبادل المنافع فيه.. كما نرى الاختلاف التضادي بين الرؤى والتوجهات وانشغالها في أمور لا تخدمنا كمجتمع إسلامي مثل السحر والشعوذة وما إلى ذلك..
في ظل هذه الأوضاع المأساوية للعالم الإسلامي يبرز السؤال الأهم: ما العمل؟ والجواب أن العمل كبير وكبير جدا في حجم المأساة، وعلى مستوى العالم الإسلامي بأجمعه.. أعرف أن العالم الإسلامي نفسه منقسم على نفسه وهذه مشكلة أخرى، وهناك مشاكل أخرى وكل هذه المشاكل أدت إلى النتيجة التي نراها.. لكن لحسن الحظ أن هناك من عقلاء العالم الإسلامي من هم مؤهلون من حيث القوة والحكمة، ومن حيث لم شمل أكبر قدر من دول الأمة التي يجب أن تضع هذه المشكلات أمامها واحدة واحدة، من الأصغر إلى الأكبر، ثم تحدد العلاج لها، ثم تنفذه ولو بالقوة، بانتهاج طرق غير تقليدية، وليس كما كنا نفعل من قبل بالاقتصار على إصدار بيانات.. الله تعالى يقول: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين الحجرات آية 9.
العالم الإسلامي يمر بأخطار وأخطار كبيرة تحيط به من كل مكان، وصحيح أنه يعمل على إيجاد حلول لها، وصحيح أنه يعقد المؤتمرات والندوات واللقاءات ومنذ زمن طويل، ودون جدوى، بدليل استمرار الأخطار بل وتفاقمها.. الآن جاء الوقت الذي لا بد أن يجرب العالم الإسلامي خيارات أصعب، وأكثر فاعلية للأخذ على يد من يعيق مسيرة الأمة ويشتتها ويعمل على تخلفها، ليس بالبيانات المشتركة، ولا بالتصاريح، فلم يعد الكلام يجدي.. إذ ثبت أن هناك من يفرق الجمع ويهدم الأمة ويهدد الأمن بالأدلة والبراهين، فلا بد من الأخذ على يده..
هناك بعض الدول في العالم الإسلامي لها إسهامات سلبية في تفرقة الأمة، وهناك ميليشيات في بعض الدول تتحكم في قرارات الدولة وقواتها أقوى من قوة الدولة.. كيف تم هذا؟ وبمساعدة من؟ كيف لا يمكن لبعض الدول أن تأخذ قراراتها بنفسها بسبب وجود فئات فيها أقوى من الدولة، وهناك فئات تغتصب السلطة في بعض الدول، وهناك فئات تقتل أبناءها ومواطنيها بسلاح الوطن.. كيف يتم هذا على مرأى ومسمع من العالم الإسلامي..
نحن لجأنا إلى المحافل الدولية، ولجأنا إلى الدول العظمى، ومنذ وقت طويل، والسؤال هل أجدى ذلك نفعا؟ الجواب معروف ولا يحتاج لمزيد من الشواهد والأدلة والأمثلة.. الآن هل نبقى كالسمكة التي تدخل شباك الصياد وتنقر للأمام في فتحات الشبك الصغيرة محاولة الخروج دون جدوى، حتى يأتي الصياد ويرفع شباكه وهي فيها.. أم نحاول الدوران يمنة ويسرة وإلى الخلف وفي كل الاتجاهات للبحث عن الممر الصحيح الموجود الذي يخرجنا من هذه الشباك، قبل أن يتم اصطيادنا دولة، دولة.. الدول الإسلامية في كثير منها من الصلاح والإخلاص والأمانة ما يمكن الاعتماد عليه بتشكيل جبهة قوية تأخذ قرارات تهدد بها كل من يعترض سبيل الحل السلمي الذي يتم السعي لإيجاده للوصول إلى الأمن والاستقرار والتطوير لدول العالم الإسلامي والعربي، الذي يعاني من ويلات الحروب والتخلف والتشرذم والاقتتال.
نحن نعيش في عصر مختلف، ولا بد من حل مختلف، القادة المخلصون الأمينون الأوفياء لن يُعدموا الطريقة التي تجعل منهم قوة ضاربة تمتلك حلولا وتفرضها.. لم يعد يجدي استجداء الغرب، ولا المحافل الدولية المسيسة، ولا الانتظار على الدول العربية والإسلامية التي تخرق الصف وتشل الأمن وتضعف الأمة.. مثل هذه الدول لا بد من الوقوف في وجهها ولو بالقوة.. العالم اليوم ليس عالم الضعف والاستجداء بل عالم القوة، والعالم اليوم لا يحترم الضعيف ولا يقيم له وزنا.. بل يُعمل للقوي ألف حساب وحساب..
وخلاصة القول: إن أحوالنا في العالم العربي والإسلامي تعاني من التخلف والتشرذم والاقتتال، مما يتطلب حلولا مختلفة غير تلك التي لم تعد تجد نفعا.. إن في العالم العربي والإسلامي من الدول والقادة من يستطيعون تشكيل قوة ضاربة لديها حلول قاطعة تفرضها للخروج بالأمة مما هي فيه.. الوقت عدو لنا، والإسراع في لم مثل هذه القوى واتخاذ إجراءات غير تقليدية من قبل هؤلاء القادة وتلك الدول بشكل عاجل للأخذ على يد من يشق الصف ويفرق الأمة ويضعفها أمر بالغ الأهمية.. مثل هذه الدول صاحبة الحكمة والرشد والقوة من يعول عليها البدء فورا وقبل فوات الأوان وقبل أن تصبح هذه الدول نفسها فريسة ثم ضعيفة لا تستطيع إنقاذ نفسها ولا الآخرين تستجدي الحل ويكون المصير مثل مصير سابقاتها.. لا بد من حلول غير تقليدية تحملها قوة ضاربة متمثلة في الدول العربية والإسلامية التي تقف صفا واحدا قويا منيعا لفرض رؤيتها.. عندها سيكون الخروج وسيكون الاحترام وسيتم بإذن الله إنقاذ الأمة.. هل يتم ذلك؟ نحن متفائلون لأننا نظن أن لا مخرج إلا إرادة الله، ثم بالرأي الصائب الحازم الذي تقف وراءه قوة يشعر بها الجميع.