فتون العنزي

منتصف الطريق يسلك صوت فيروز مساره ويخترق الجدار العازل، قد تعيدنا الذاكرة والحنين.. قد يعيدنا صخب الطفولة وأهازيج الأحياء الصغير وأزقتها الضيقة، لا شيء يفصلنا عن الواقع سوى الإبحار بماضٍ؛ إما سار أو تعيس. لسنا بحاجة للإرشاد أو الإشادة والتصفيق، البهلوان يستمتع إن انتفضت خيمة السيرك بالصيحات والصفير ليكتفي بـبقشيش قدمه أحد المسنين امتنانا لمجهوده، وقد يُرشق بحفنات فشار تعبيرا عن استياء الأطفال من جموده واستخفافه بعقولهم الصغيرة وكأنهم سيتفهمون ما قام به في دقائق. ما الغريب بالأمر إن تطرقنا للسيرك وخفة العارضين والتجمهر حولهم، ألسنا نتعايش مع هذه الأوضاع ونصادف شخوصا بارعين في أداء أدوارهم؟ أم أننا لم نفهم أي شيء إلى الآن؟.. ثلة من الناس يفضلون المتابعة دون أن يفهموا شيئا مما يحدث، وهذا يحدث أيضا حينما تتابع فيلما صادفته مسبقا، تضحك بالوقت غير المناسب وتدمع عيناك أيضا بلقطة لا علاقة لها بانفعالك. هناك محفزات، ومهدئات.. مجموعة أدوية تسهم في خلق أجواء من المرح أقرب للهلوسة من الفرح، وقد يصل بك الأمر إلى الوصول لحافة الصرع فتخشى من تخالط الأمور لتتقبل فكرة الساذج الذي لا يفهم ما يجري ولكنه يبتسم بكل الأوقات.. قد تتساءل ما المقصود وإلى أين أريد الوصول..؟!
لستُ بصدد أن أتشعب بالموضوع ولكن، أحيانا ولكثرة الأحداث مؤخرا واكتشاف أمراض جديدة يصعب علاجها وأصوات غنائية يكثر نشازها وعقود قران بمسميات مختلفة لا فائدة منها، يصل بنا الأمر إلى حد الاختناق.. المال يخلق لك الإجابة إذا كان السؤال مُعلقا على غصن شجرة. السُخف ليس بالمال بل بمن يُطبل لمن يمتلكه وإن تفوه بالحماقات وكأن ياقوتا سقط من فمه! هذا الأمر لا يختص فقط بالسُذج، بل بمن يخطط لرحلة استجمام بعيدا عن محيط الأسرة ولعب دور الزوج المثالي والأب المسؤول والابن المطيع والناسك الخجول، لتكن أعظم خططه نزوة يتباهى فيها برجولته. الرجولة التي نفتقدها بالوقت الحالي، ليكن أقرب لكلمة ذكر من رجل مناسب.. إن غاب الموقف والمبدأ تتجدد الهفوات في كل مرة يحاول بها الخروج عن نطاق المثالية. لا يمكن أن نجزم بأن جميعهم يشبهون هذه الفئة، ولكن النسبة تزداد ليضمحل أخيار منهم. لذا يكثر المهرجون والمصفقون دون الحاجة لسيرك تسانده أعمدة من خشب إذا كان هناك من يصدق الكاذب ويطبل للكاتب!