يحمل مهرجان الجنادرية على عاتقه وصل الحاضر بالماضي وتعريف روافد مجتمعنا ببعضها، لتوحيد وجدانها كما تتوحد هويتها وجغرافيتها، وهو إلى ذلك نافذة يطل منها جارنا وأصدقاؤنا ليشاهدونا كل عام.
ويحظى افتتاح الجنادرية بترقب الجميع في أرجاء الوطن، خصوصا الأوبريت الافتتاحي الذي صار عنوانا منتظرا كل عام.
لكن هذا العنوان بهت كثيرا في السنوات الأخيرة، وتكرر حتى فقد طعمه ونشوة انتظاره.
بهت على كل مستوياته، شكله ومضمونه، كلماته وألحانه، ولولا وجود محمد عبده بتاريخه واسمه بين المؤدين لما كان للأوبريت أدنى حظ من القبول.
صارت كلمات الأوبريت تقارير صحفية، وفقدت الحد الأدنى من الأفكار الجديدة، كما فقدت الحد الأدنى من الغلالة الشعرية الجذابة.
وصارت ألحان الأوبريت مكبلة بإيقاعات مكررة، وكأن الأوبريت موضوع للرقص فقط، ولا يحمل أي رسالة أخرى، إنه باختصار، ترديد للحظة في الماضي بشكل جاف ويابس وغير مقنع.
لا وجود فيه لعبق ماضينا وروحه، ولا لتحولاتنا الشاملة في الحاضر ولا لأحلامنا في المستقبل.
إنني أجزم أنه لا يوجد أوبريت واحد في السنوات الأخيرة يمثل رسالتنا - نحن السعوديين - للعالم ويمثل روح بلادنا وتطلعاتها منذ بداية عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -.
أنا لا أعرف كيف يتم اختيار نص الأوبريت ولا كيف يتم اختيار الملحنين والمطربين، غير أن ما نشاهده في الأوبريتات الأخيرة يدل على أن عملية الاختيار لا تتم بناء على أفكار محددة ورسالة معينة كل عام يجب أن يتضمنها الأوبريت، إن عملية الاختيار تحتاج إلى مراجعة جادة وتنويع مستمر.
إنني أقترح على لجنة الجنادرية ذات الصلة أن تجرّب جيزان في المرة القادمة، في كتابة وتلحين وأداء أوبريت الجنادرية لعام 1436.
كان يمكن أن أكتب هذا الاقتراح قبل الآن لكنني خشيت أن يقال إنني أطبّل لقدرات منطقتي، مع أن هذا واجبي. لكني وجدت الفرصة مناسبة الآن بعد أن وردت شهادات متواصلة على قدرات جيزان في الكتابة والتلحين والأداء، تلك القدرات التي منحتها جامعة جيزان الفرصة في السنوات الأخيرة وآخرها أوبريت الفجر التاسع قبل أسبوع.