استفزني حوار بين فتاتين ببداية العشرين من عمرهما حول صديقة لهما، وكانتا بجواري في صالون التجميل، إحداهما تقول للأخرى حرام المرأة تطلب الطلاق حتى لو كان سيئا معها عليها أن تصبر وستُؤجر في حين الأخرى فاتحة عينيها تقول صحيح، سمعت من شيخ أن من تطلب الطلاق من زوجها لا تشم ريحة الجنة أبدا!
من دون شك، أفكار كهذه لدى فتيات عشرينيات في مجتمع يُفترض أن يكون متحضرا في القرن الـ21، وهذا يعني أننا نواجه مشكلة قلة وعي حقيقية تتجاهلها المدارس والمساجد ووسائل الإعلام المحلية أمام تأهيل الأزواج الجدد، لبناء أسرة سوية تستطيع بناء هذا المجتمع، هذا الحوار المستفز جاء بعد يومين لرسالة لطيفة من الصحافية اليمنية العزيزة هند الإرياني لي لفتت فيها انتباهي لخبر استفزها كامرأة، نُشر بموقع العربية نت عن دراسة وزارة الشؤون الاجتماعية مقترحا إلزام الفتيات السعوديات المقبلات على الزواج بالخضوع لدورات تأهيلية وتدريبية في كيفية التعامل مع الرجل ودراسة نفسيته وأسلوب الحوار معه للتغلب على المشاكل في بداية الحياة الزوجية، وبصدق مستفز لأنه يتجاهل تأهيل الرجل، فلماذا تُلزم الفتيات دون إلزام الرجال المقبلين على الزواج!؟ أليس من المهم أن يفهم الرجل نفسية زوجته ويتعلم كيفية التعامل معها وأسلوب الحوار للتغلب على المشاكل في بداية الحياة الزوجية، أم أن المرأة فقط عليها أن تتنازل وتصبر وتتعلم كيف تخدم سيدها لا شريك حياتها وإلا لعنتها الملائكة؟!!
لستُ ضد الدورات التأهيلية لما قبل الزواج، لكني ضد مبدأ تكريس التجهيل الحقوقي، ولا بد من تحديث دورات كهذه بما يتوافق مع الحياة المعاشة اليوم، إذ يكفي تكريسا للانعزال بين الزوجين والعادات والتقاليد التي باتت عبئا على حياتنا الاجتماعية، ومن المفترض تصحيح توجه كهذا لهذه الدورات بأن يحضرها المخطوبان معا تعزيزا لمبدأ الشراكة في بناء مسؤولية تجاه بعضهما البعض، فلم يؤد لارتفاع نسبة الطلاق إلا هذا الانعزال الدائم بين الطرفين منذ ولادتهما حتى ليلة الدخلة، لهذا أجدني ضد تجاهل أهم الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق وهي العادات الاجتماعية البليدة، وما تكرسه من زيجات منغلقة ما تزال تُمارس عند بعض الأسر كرفض الرؤية الشرعية، يعني زواج على العميان، فيما أسر أخرى أرحم تسمح للعروسين بالرؤية الشرعية التي لا تتجاوز ثواني معدودة تنهض عليها سنوات عمر كاملة، لكنها تمنعهما من التحدث أثناء الخطوبة ومن اللقاء أثناء عقد القران، ولا أقول الجميع بهذا التعسف.
وبحسب نائبة المدير التنفيذي لمركز تراتيب للتدريب بالخبر المنشور تقول لدينا في المركز برنامج تدريبي معتمد هو (بيتكِ جنتكِ) وأتساءل وإن كنتُ أشم رائحة تجارة من هذا البرنامج، التدريب يستهدف المال أكثر، أليس من الضروري أيضا أن يشعر الرجل أن بيته جنته بدلا من الاستراحات ولعب البالوت والسفرات لبلاد زيجات السياحة! وبصراحة، فما دامت الدورات التأهيلية المقدمة قبل الزواج تقليدية وتُكرس نمطية الزيجات التي تستهدف تفريخ العيال ليستمر الزواج كديكور اجتماعي، فدورات كهذا وإن قللت نسب الطلاق لكنها ستؤدي حتما لفجائع أكثر ضررا نلمسها اليوم كالعنف الأسري والخيانات الزوجية وما خفي كان أعظم.