لاحظوا؛ نحن لا نتحدث عن التلفزيون.. التلفزيون استطاع هزيمتنا بلا حدود.. شاركنا رغماً عنا في تنشئة أبنائنا وتوجيه سلوكياتهم والعبث بخياراتهم وقراراتهم.. نحن نتحدث عن ظاهرة بشرية.
سننتقل إلى البيئة الخارجية.. تحولت الشوارع إلى سبورة إعلانات ضخمة، تؤصل لثقافة الاستهلاك والشراء بشكل كبير.. تتفاوت الأسعار من شارع لآخر.. من تقاطع لتقاطع.. أيضاً في الملاعب الرياضية وصالات المطارات والميادين.. الباصات التي تسير في الشوارع تم استغلال جوانبها بالدعايات.. لا يمكن لك أن تشاهد سيارة نقل دون أن يتم استغلال جوانبها.. تطور الأمر.. نشاهد سيارات تتجول وسط الشوارع المزدحمة، جوانبها مليئة بإعلانات مختلفة، والغاية الوحيدة هي التجول بالإعلان - حتى يجدوا له مربعاً فارغاً! - تشعر أن حياتك فعلاً ستبدو تعيسة إن لم تواكب هذه المنتجات.. إبهار.. أحياناً حياتك لا يمكن أن تستمر دون هذه السلعة.. يزرعون داخلك شعوراً جارفاً بحاجتك إليها.. يقدمونها لك بصورة مثالية.. يقررون نيابة عنك.. يمدون أيديهم نحو جيبك دون أن تشعر.. تنويم مغناطيسي.. هناك قوة تقف خلف ذلك.. المهم أن تتعاظم الأرباح.. الإنتاج والربح يقومان على الاستهلاك.. لغة المال تسونامي، تزيل كل ما أمامها!
نقبل ذلك .. ليس أمامنا خيارات أخرى.. لن نوهم أنفسنا بامتلاكنا المقدرة على الرفض والقبول.. هذه إضاعة للوقت.. ليس بأيدينا - وهذا ما أود الوصول إليه - سوى دعوة أمانات وبلديات المناطق لإنقاذ حياة الناس.. الناس بحاجة إلى حماية.. الطرق والطرائق كثيرة.. أبسطها حجز بعض الأماكن والزوايا المهمة لنشر التوعية على اختلاف مضامينها.. هذا واجب إنساني قبل أن يكون وطنياً.. نحن لا نريد منكم سوى متر مربع في كل تقاطع.. يبدو أن هذا الأمر هو الآخر بحاجة إلى مبادرة شخصية!