كلما قرأنا عن الحج وفضائله وقصصه زادت رغبتنا في الحج، وتبدأ هذه الروحانية منذ شهر رمضان الكريم وتزداد يوما بعد يوم حتى تصطدم بالواقع عندما تتعرف على أسعار حملات الحج.
عشرات الآلاف تكلفة حج الفرد فكيف بالمبلغ الإجمالي للعائلة أو حتى بعض أفراد العائلة؟!.. وبالتالي يتلاشى هذا الحلم الجميل، وتذهب بك الذاكرة لقصص الحج قبل مئات السنين حيث الفقر وعدم وجود الأمن خلال رحلة الحج، سواء داخل الجزيرة العربية أو خارجها، وكيف كانوا يحجون في مجموعات كبيرة خوفا من قطاع الطرق، ومع ذلك تعتريهم معوقات أخرى كالأمراض خلال الترحال وأثناء الحج.
بعد توحيد المملكة تغير الكثير من هذه الأمور واختفت أكثر المعوقات القديمة، إلا أن أمورا ومعوقات أخرى حلت محلها، بعضها ليس للبشر دخل فيها، بل هي من أقدار الله في أرضه وخلقه، ومن أبرزها زيادة أعداد المسلمين حتى لم تعد المشاعر المقدسة تحتوي كل الراغبين.
أما التدخل البشري الأقوى فهو الجشع الواضح للعيان، فتكاليف الحج تزداد سنة تلو الأخرى حتى وصلت لمبالغ مبالغ فيها ليست في مقدور ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة التي هي السواد الأعظم... والحل في تأجيل الحج للسنة القادمة.. ونضحي بـخروف هذه السنة ونجتمع مع الأقارب والأصحاب ونهدي الجار والفقير من خروفنا، ولكن كم سعر الأضحية هذه السنة؟ والجواب معروف، فالسعر مثل السنة الماضية مع زيادة تجار المواشي 10% أو تزيد بسبب غلاء الأعلاف وبسبب الـ2400 ريال الخاصة برفع تكلفة العمالة الوافدة – حجتهم هذه السنة – كذب المنجمون ولو صدقوا. إذن أجلنا الحج حتى إشعار آخر وغيرنا الأضحية من خروف إلى دجاجة من باب التوفير والابتعاد عن اللحوم الحمراء كثيرة الدهون والأمراض.