مفرح حبسان العمري

قرأت مقالاً قديماً في إحدى الصحف المحلية، يتحدث عن مشائخ القبائل وعما يعانيه شيخ القبيلة، حيث ورد ما نصه عندما نتحدث عن مشائخ القبائل فإننا نتحدث عن وجاهة اجتماعية ورسمية!!.. ولا أعني بالوجاهة المفردة في ذاتها، بقدر ما أعني ما يتعلق بها من مهام ومسؤوليات!. ثم تقول سطور المقال شيخ القبيلة يمثل واسطة العقد فيما بين أفراد قبيلته، وبين مختلف الدوائر والقطاعات الحكومية انتهى.
وأنا هنا أحب أن أوضح أيضاً الدور الكبير الذي يلعبه شيخ القبيلة مع أفراد قبيلته من إصلاح بين المتخاصمين، وفض النزاعات والصراعات الكبيرة التي قد حدثت بينهم دون الذهاب إلى السلطات الأمنية وإزعاجها بما يحدث بينهم في كثير من أمور حياتهم. إن شيخ القبيلة تقع على عاتقه مسؤوليات جسام لو نظرنا إليها وقسنا ما يعانيه من مشاكل وهموم لا حصر لها لوجدناه يعيش قلقاً وآلاماً كبيرة، وليس ذلك إلا لمن جعل هم قبيلته نصب عينيه بعيداً عن أطماعه الدنيوية متقلداً الأمانة في ذلك، وما أوكل إليه من حمل لها والعدل فيها.
سمعنا وقرأنا ما تداوله مجلس الشورى بخصوص وضع مكافآت مالية لمشائخ ونواب القبائل وإلى الآن لم تر النور، ولعل في تأخيرها خيرا. غير أن ما أريد تناوله هنا لماذا لا يكون هناك تقييم لكل قبيلة وشيخها ونائبها من قبل لجنة تشكل بالمحافظات لرصد الإيجابيات والسلبيات التي تصدر من كل قبيلة وعليها يتم شكر أو مساءلة كل شيخ ونائب عن الإنجاز أو التقصير.
لماذا لا ينظر إلى إنتاج القبيلة على مستوى الفرد والجماعة بما يخدم ومصلحة الوطن والنهوض بمستواه الثقافي والأمني والمعيشي، بحيث ينظر لما يقدم من تلك القبيلة، ويتم تكريمها بواسطة شيخ القبيلة أو نائبها عن طريق المحافظة أو المنطقة التابعة لها القبيلة. لماذا لا تكرم القبيلة التي تتسم بالترابط الأخوي المتين دون أن يحدث بين أفرادها التفكك والنزاعات ويكتب عنها في الصحف؟ لماذا لا يكون هناك مجلس قبلي داخل المحافظات يتم فيه اللقاء بمشائخ القبائل والاستماع إلى متطلباتهم ومشاكلهم ومساعدتهم في حلها من قبل السلطات في تلك المحافظة، وإن وجد فإن العمل به يحتاج إلى تطوير. لماذا لا يكون هناك تشجيع لكل قبيلة منتجة تعمل أفراداً وجماعات في التكسب وخلق فرص عمل جيدة لأبنائها حتى يحتذى بها وتكون نبراساً لغيرها من القبائل؟ لماذا لا يعاتب شيخ القبيلة الذي يحدث من أفراد قبيلته إزعاج مستمر للسلطات الأمنية والحكومية بمختلف فروعها، وحثه على تدارك ما يحدث من أفراد قبيلته وإيجاد حلول سريعة للقضاء على تلك الخصومات؟ لماذا لا تكون هناك مكافآت مالية للشيخ المتفاني في خدمة أفراد قبيلته بما ينفعهم ويحقق مصالحهم، وبما يقدمه لهم من نصح وإرشاد ومساعدة في حل قضاياهم ومشكلاتهم المختلفة، بحيث يتم تقييمه من اللجنة داخل المحافظة.
الحقيقة المرة أن بعض مشائخ القبائل أحوالهم المادية لا تعينهم على أداء مهامهم وواجباتهم تجاه قبائلهم، فلماذا لا يتم حصرهم ومد يد العون لهم؟. للأسف نسمع من يقول عن بعض المشائخ قولهم ولماذا وجع الرأس مع ناس لا يسمعون ولا يعقلون وكأنهم يقولون السلطات أولى بهم وبحل مشاكلهم دون أن يبذلوا هم والأخيار من أفراد قبائلهم أي مجهود، ولو أخلصوا النوايا لاستطاعوا أن يقضوا عليها فوراً رغم أن الزمن قد عشعش عليها، ولكن متى ما وجد الصدق وجد الحل، ونحن لا نؤيد من يحمل هذا الفكر الكسلاني من هذه القلة القليلة والتي ربما أنها اندثرت. أين الاجتماعات القبلية التي كانت قديماً، فلقد كانوا يجتمعون فيشتكي أحدهم ويستمع الآخر ويتداولون الخلاف فيما بينهم بحكمة وروية دون استفزاز لأحدهم أو رفع الصوت بينهم حتى إذا انفض اجتماعهم تراهم قد وجدوا حلولاً صادقة ومعينة لما اجتمعوا من أجله.