وحين أقول شريحة تائهة، فإنني أعني ذلك بالضبط، فعلى الرغم من الدور الواضح الذي يقوم به فنيو وفنيات المختبرات العاملون في الجامعات السعودية لإنجاح العملية التعليمية والبحثية فيها، إلا أن ثمة جفاء واضح بينهم وبين كافة الجهات التي يتقاطعون معها في تعاملاتهم، هذه الجفوة لم تكن على سبيل الصدفة بالتأكيد، بل أسهمت فيها عوامل عدة، ابتداء من المسمى الوظيفي فني مختبر الذي ما زال يلازمهم رغم استيفاء غالبهم لكل الشروط المطلوبة لتغيير المسمى لـأخصائي، إلا أن ديوان الخدمة المدنية فضّل أن يقف حجرة عثرة في هذا الشأن!.
لا تنتهي أسباب الجفاء عند هذا الحد، فأفراد هذه الشريحة يخضعون لنظام ولوائح وزارة الخدمة المدنية شكلا، أما مضمونا فتطبق عليهم كل أعباء وسلبيات النظام الأكاديمي المطبق في الجامعات السعودية، وهل أكثر من ذلك تيها وضياعا؟ تطالبهم وزارة الخدمة المدنية بالحضور في وقت الدوام الرسمي لموظفيها، بينما يقاتل مسؤولو بعض الجامعات لِلَيّ أعناق الأنظمة؛ لإجبارهم على الدوام خارج تلك الأوقات بلا مقابل!. تنص لوائح وزارة الخدمة المدنية على وصف مهامهم الوظيفية بشكل صريح، فيما يتفنن النظام الأكاديمي بتفصيل مهام وظيفية إدارية مبتكرة لا تتقاطع إطلاقا مع مسماهم الوظيفي وبـبلاش!. لم تفلح كل مطالباتهم السابقة لوزارة التعليم العالي بشأن تعديل وضعهم الوظيفي، وإيجاد كادر خاص بهم يلحق بلائحة أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية، بينما باءت كل محاولاتهم لتطبيق لائحة الوظائف التعليمية عليهم بالفشل!.
في مجال التدريب والتطوير، يجد فنيو وفنيات الجامعات السعودية كل الجفاء، يكفي للدلالة على ذلك الإشارة إلى حرمانهم من إكمال دراستهم الجامعية دون مبرر واضح سوى المبرر الذي ذكر الدكتور عبدالله الماجد رئيس الجمعية الكيميائية السعودية وعضو هيئة التدريس ووكيل كلية العلوم للدراسات العليا بجامعة الملك سعود، ببحثهم عن الوجاهة بعد حصولهم على درجة الماجستير، فيما يعتقد أفراد هذه الشريحة أن البحث عن الوجاهة هي أن تكون رئيسا ونائب رئيس وعضوا في أكثر من عشر جمعيات ولجان، بعضها لا يزيد عمله عما فعله أهل الكهف داخل كهفهم!.