في كل دول العالم توجد البطالة، وتبقى عقبة نسبة العاطلين هي الهاجس الأكبر للدول، ويزيد هذا الهاجس كلما كانت الدولة تتمتع باقتصاد قوي ومتين. وفي المقابل تتناقص نسبة اللوم على الدول الفقيرة والمتعثرة اقتصاديا، إن كانت تعاني من ارتفاع نسبة البطالة بين مواطنيها، لكن المفارقة العجيبة أن أغلب سكان الدول الفقيرة؛ نعم قد لا يملكون وظائف لكنهم في المقابل يملكون مهنة تقيهم شر الحاجة وانكسار الاحتياج كالمزارعين مثلا! بينما بعض دول العالم الثالث يتحاشى العاطلون فيها امتهان بعض الوظائف المتدنية الأجور كعامل النظافة، وبالتالي ستستقطب هذه الدول عمالة رخيصة وزهيدة الأجر، بينما تعج بلادها بعاطلين عن العمل، فيبدأ اللوم من قبل الناس على الجهات الحكومية والقطاع الخاص بأنه لا يوظف أبناء الوطن!
ويدندن البعض على وتر الوطنية، رغم أنها خارج حسابات هذه اللعبة أصلا؛ فمن يطالبون القطاع الخاص بتوطين الوظائف في قطاع المقاولات مثلا، قد لا يعلمون أن مهنة السباك والنجار وعامل اللياسة والدهان لا يمكن توطينها أساساً لعدم وجود مواطنين يتقنون هذه المهن، فضلاً عن عدم قبول المجتمع بها!
لذلك؛ علينا الخروج من طرح الحلول التقليدية غير المدروسة التي تنادي بخروج العمالة غير السعودية دون استبصار وقراءة متأنية يكون مرجعها العارفين ببواطن الأمور.. فكيف يكون ذلك؟
علينا أولا: أن نطالب بتوطين الوظائف التي لا تتطلب وجود غير المواطنين، فمن غير المقبول أن تعج مكاتب كبار الموظفين بسكرتير أو سكرتيرة من غير المواطنين، بينما لدينا مئات الآلاف في قوائم حافز يحملون المؤهل الثانوي ودورة سكرتارية، لذا علينا أولا توطين الوظائف المكتبية التي لا تتطلب من الموظف إلا قليلا من التدريب واكتساب الخبرة، ثم نبدأ التدرج بالتوطين شيئا فشيئا حتى لا تتبقى لدينا احتياجات للعمالة إلا في الوظائف التي لا تناسب المواطن، ويبقى السؤال قائما كالعنوان أعلاه، إن لم تتضافر الجهود لحل هذه المعضلة، والله المستعان.