هل اختصر نابليون قيمة الصورة حين قال: صورة واحدة تساوي ألف كلمة؟.. الواقع يؤكد ذلك، فالصورة الثابتة والمتحركة، باتت تشكل بمفردها الكثير من المواد الصحفية، وهو ما دفع معظم وسائل الإعلام إلى الوجود بمصوريها في كل المناسبات الهامة، ومن بينها الحج.
ينتشر المصورون الصحفيون عادة في كل نواحي المشاعر المقدسة، يحملون على أكتافهم حقائبهم الثقيلة، ويمضون أوقاتهم في التنقل لمسافات طويلة، فيما تتطلب مهمتهم الاحتكاك المباشر مع ثقافات متباينة تحدد اتجاه عدساتهم معظم الأحيان.
يروي مصورو الوطن الكثير من المواقف التي عايشوها خلال عملهم في تغطية مواسم الحج، إذ يؤكد علي القرني، الذي يزاول ذات المهمة منذ 11 عاما، أنه يلجأ في كثير من الأحيان إلى عنصر المفاجأة في التقاط الصور، ليتجاوز ردات فعل الحجاج أمام الكاميرا، ويقول التقاط الصورة بشكل سريع، يلغي حالة التردد والرهبة التي قد يبديها البعض، لافتا إلى أن الحجاج الغربيين يبادرون العدسة بابتسامة الترحيب غالبا.
أما أحمد الفروان، فيبدي ارتياحا كبيرا أثناء حديثه عن مواقفه مع الحجاج الآسيويين، وهو يمضي عامه الرابع في تغطيات الحج، إذ يؤكد على أنهم أكثر شعوب الأرض وداعة أمام الكاميرا، ويقول الآسيويون مسالمون تماما أمام المصور، وربما يتوقف أحدهم حتى تنتهي من تصويره وتأذن له بالمغادرة، لافتا إلى أن حجاج أفريقيا لا يكترثون للأمر إطلاقا.
في المقابل، يرى يحيى القحطاني، أن التقاط الصور للحجاج العرب، والسعوديين على وجه الخصوص، مهمة لا تخلو من الغرابة، ويقول لدى البعض نزعة معادية للصورة، فيما يحرص آخرون على التقاط صور متعددة والسؤال عن موعد نشرها، لافتا إلى أن الجدال حول حرمة التصوير يختم معظم تلك المواقف التي عاشها خلال 4 أعوام من التغطية.
عبدالرزاق الإدريسي، وعلى الرغم من كونه يعيش تجربته الأولى في تغطية الحج، إلا أنه يرى أن الأحداث السياسية التي تعيشها بعض الدول تحدد غالبا تعامل شعوبها مع الصورة، إذ يشير إلى أن حجاج الدول التي تعاني من الحروب مستسلمون أمام الكاميرات لاعتيادهم على وجود الصحفيين لتغطية الأحداث، أما حجاج دول الثورات العربية فيرفضون الصورة إذا ارتبطت بمواد صحفية تتضمن آراءهم السياسية، مستدركا بأنهم يحترمون حق الجميع في الرفض.
ويتفق المصورون على أن مهمتم محكومة بأخلاقيات يحرصون على التمسك بها، إلا أنهم يجمعون على أن هذه المهمة لا تجد التقدير المفترض من قبل بعض عناصر الجهات الأمنية، لافتين إلى تعرضهم للمنع أحيانا بقرارات فردية.